شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية |
|
|
|
|
لقد كانت جهود علماء المسلمين ذات تأثير في تاريخ العلوم وخاصة في مجال الفلك ، وقد حرص الغرب في مجال اعترافه مؤخرا ببعض افضالهم على وضع اسماء بعضهم على خريطة القمر ، ومن هذه الأسماء المأمون والبتاني وابو الفداء والغ بك .عادين للعرب في البيئات الدينية والثقافية في اوربا حيث ترجمت كتب بكاملها ثم نسبت الى علماء لم يكن لهم فيها غير دور النقل واغفلت اسماء مؤلفيها من العرب المسلمين.   المسلمون والتطور في علوم الفضاء
|
مستقبل التعليم الأهلي في ظل المتغيرات المعاصرة
وعندما نتحدث عن التعليم فإنما نتحدث عن رأس الحربة في مواجهة تحديات المستقبل، وذلك لأننا اذا أردنا أن ننظر بصورة جادة إلى قضايا التنمية والتطور في عالمنا العربي والإسلامي نجد تحديات كثيرة ولكن من اخطر التحديات التي تواجهنا في نظري هي ضعف التنمية والتطور، وبصورة خاصة تنمية الانسان العربي والمسلم والمواطن. ثم أن تردي التعليم وضعفه في عالمنا العربي والإسلامي أدى إلى ضعف الإستثمار في العنصر البشري وجرنا إلى تبعية إقتصادية وثقافية مؤسفة، وأصبحنا دولا أغرقت في المديونيات من ناحية، وهددها الأنفجار السكاني في كثير من أجزائها، وغابت القدرة على إستغلال الموارد المتاحة بصورة صحيحة وخاصة في غياب التعاون العربي والإسلامي وأنا أضع خطا تحت هذه العبارة فقد أثر غياب التعاون العربي والإسلامي على التنمية الإقتصادية في البلاد العربية والإسلامية.
وإذا ما بدأنا ننظر إلى هذا الموضوع بعمق أكبر فسوف نجد أن التعليم ركن أولى فـي عملية التنمية البشرية والتي هي القضية الأساسية في عملية التنمية الشاملة وأساس من أسسها. إن تطور التعليم هو خيار إستراتيجي وليس ترفا فكريا، ولا شعارا يرفع كما يقول الدكتور حسين كامل بهاء الدين. وكثير من العقلاء ينظرون إلى تطور التعليم وسلامته وجودة مناهجه وقدرات المعلمين.. على أن هذا الأمر هو قضية أمن قومي ومستقبل أمة، فكلمـا أنفقنا على التعليم وأعطيناه الأولوية وطورنا مناهجه وأصلحنا أدواته، دعمنا الأمن القومي للبـلاد والأمة، فالتعليم يحمي البلاد من الأخطار المباشرة وغير المباشرة فهو يلعب دورا اساسيا في قضايا الأمن وسلامة الوطن. كما يعتبر التعليم استثمارا مهما في مجال مسيرة الأمة ونمائها.. وضمان مستقبلها. ومن المهم ونحن نتحدث في هذه الندوة عن مستقبل التعليم في المملكة العربية السعودية بصورة خاصة في ظل المتغيرات المعاصرة ودور التعليم الأهلي في هذا المجال إن نركز على أن التعليم في بلادنا يحتاج إلى عمل فعال يجعل المنهج والمعلم والكتاب.. والمناخ التعليمـي قضايا أساسية ومحاور هامة في تطوير العملية التعليمية.. ويخلص التعليم من القوالب التقليدية.. وينطلق به إلى مفاهيم حديثة، وقدرات وأدوات وإمكانات تناسب القرن القادم.. ويلغي عمليات الحفظ والإستظهار بدون وعي.. ويخلص العملية التعليمية.. والمناهج خاصة من تلك الكتب الكثيرة التي لا تسهم في بناء مهارات الطلاب ولا يستوعبونها.. وإنما تضيع أوقاتهم ولا تطور مداركهم.. ولا تقوى مهاراتهم، ولا تصنع مدرسين وفنيين وإداريين قادرين على الإبداع والإنتاج المتميز. إن التعليم والواقع التعليمي في بلادنا العربية يحتاجان إلى إصلاح جذري، ولا بد من تحرك جاد وفاعل يبدأ بإدراك حقيقة مهمة هي أن التعليم في حاجة إلي تطوير فعال وتغيير جذري يساهم في بناء الإنسان، فلقد أسقطنا قيمة العمل والإنتاج واضر هذا بنا كثيرا وسلكنا سلوكا سلبيا في مجال التعليم فلم نحقق الأهداف المرجوة لأن الفعالية قضية مهمة في مجال التعلم فهناك، فرق كبير بين أمة لها سلوك يقوده النظام والإنسجام وأمة تسودها الفوضى والأنانية والتسيب لأن هذه القيم لم تلقن لأولادها في مراحل تعليمهم الأولى خاصة والتالية بعد ذلك، ولم نرسخ في المجتمع مسئولياته حتى يعلم الجميع إن أي مجتمع لا يمكن أن يكون مجتمعا محترما الا اذا كانت له وظيفة ومبرر لوجوده وليس مجرد صلات إجتماعية، فمن الخطورة أن يكون مجتمعا سلبيا ومعقدا، حتى وأن كان الناس يعيشون في مدينة واحدة. وكما يقول المرحوم مالك بن نبي: "من الصعب أن نعيش في مدينة واحدة بجوار بعضنا البعض، ولكننا أمة سلبية وأمة تخلط بين العلم والثقافة، فالثقافة عندها هي الدين وليس مجرد العلم" ومن المهم أن نرعى المواهب ونعطي الشباب الفرصة للعمل ونرسخ فيهم حب العمل وتقديس الإنتاجية والرغبة في البناء والقدرة على قيادة المؤسسات الحضارية. ومن الخطورة أن نراوح في مكاننا ولا بد أن نتحرك بوعي ومسئولية وفعالية.
كما أنه من المهم أيضا إختيار نوع التعليم الذي ندخل به القرن القادم، لأن هذا التعليم لعب دورا مهما في حياة كثير من الأمم التي نهضت. ومن هنا فلا بد إذا أردنا أن ننهض ونستفيد من معطيات القرن القادم أن ننظر بعمق أكبر للعملية التعليمية في مراحلها الإبتدائية والمتوسطة والثانوية والجامعية وإلى مرحلة التعليم الفني لأن مستوى التعليم عندنا لا يحقق الأهداف التي نصبو إليها جميعا، وهو في وضعه الحاضر يقصر عن تحقيق الأهداف الأساسية للأمة ويخرج آلافا من الشباب إنصاف متعلمين وفي بعض الأحيان غير متعلمين، وبالجملة لا يحقق الأهداف التي نسعى إليها لا في المرحلة الحاضرة ولا في المستقبل الذي نتطلع إليه. صحيح أن المؤسسات التعليمة حققت تقدما كميا كبيرا ولكنها فشلت في الكيف، فعندنا مئة جامعة أو أكثر تحتوي على ما يزيد عن خمسمائة كلية، لكن التعليم لم يستطع أن يحقق أهداف الأمة العربية، ولم يساعد في بناء الإنسان العربي القادر على العطاء والمنافسة والإبداع الا نادرا. إن التعليم في البلاد العربية والإسلامية بكل أسف لا يحقق الآمال التي تتطلع إليها الأمة لأنه أسقط قيمة العمل والإنتاج، ولم يبذل جهدا كافيا لتطوير المناهج وفلسفة التعليم وسياساته على وجه الخصوص.. فمثلا ما جدوى كثرة كليات العلوم السياسية في بلد كالسودان، في الوقت الذي لا توجد فيه كلية واحدة متخصصة في علوم التغذية والتكنولوجيا المرتبطة بها وصناعتها، وهو بلد قوامه الزراعة؟!!. ولهذا أخذت الفجوة تتسع بين التعليم في بلادنا العربية والإسلامية بصورة عامة، وبين التعليم في بلاد الغرب، بصورة أخلت توازننا، وجعلتنا عالة على الأمم، نعتمد في أكثر حاجاتنا على المنتجات الخارجية، واذا صنعنا فصناعة ضعيفة، وغير قادرة على المنافسة الا ما رحم ربي وفي اقل مساحة ونسبة ممكنة، لأن التعليم عندنا لا إبداع فيه، يعتمد على المحاكاة، وعلى استيراد النماذج بشكل مشوه.. والبرامج مكررة، والمدرس غير مؤهل ولا يملك المرونة الضرورية. لقد كان التعليم في السابق في بلادنا قريبا إلى حد كبير من مستوى التعليم في الغرب، وكانت الفجوة صغيرة أما الآن فالفجوة تتسع بين التعليم في بلادنا والتعليم في الغرب، والقفزات التكنولوجية والفنية تجعل الفجوة أكبر بكثير من ذي قبل، وتستوجب عملا جادا لسد هذه الفجوة، أو تضييقها على الأقل قبل أن تتسع الهوة ويصبح من الصعب التنسيق بين التعليم في منطقتنا والتعليم في البلاد المتقدمة. ومن هنا فانه لابد من ادخال تعديلات جوهرية على نظامنا التعليمي لكي نلحق بالركب. ولا بد أن تستخدم التكنولوجيا في التعليم، وتعود المدرسة لتكون مؤسسة تربوية متكاملة، يمارس الطالب فيها حياة طبيعية، ويكون جزءا من العملية التعليمية. والتعليم في بلادنا العربية والإسلامية عامة كلها لم ينجح بالصورة التي نتمناها جميعا كأداة للتقدم الحضاري، وما يزال بعيدا عن تحقيق أهداف الأمة، لأننا بكل أسف ما زلنا في مناهجنا الإبتدايئة وما حولها وفي جزء من المناهج الثانوية وبعض الجامعات نعتمد على الحفظ والإستظهار، والمدرس يعيد تدريس المادة سنوات وسنوات دون أن يطور نفسه أو يطور قدراته بالإلتحاق بأي دورات أو مجالات تدريب، والمؤسسات التعليمية لاتعينه على ذلك، وفي الوقت الذي يعتبر فيه الحاسب الآلي من عناصر الدراسة الأساسية في الغرب، ما يزال مجهولا أو هامشيا عندنا، ولهذا ظل التعليم في دوامة مغلقة وضعيفة، وغير قادرة على الإبداع، ولا مجرد التأهيل الصحيح، فالأساتذة تحكمهم قوالب محددة، وطلاب يتزاحمون في انتظار شهادات التخرج، يدخلون الجامعات ولا يعرفون لماذا، ويرسبون ولا يعرفون لماذا، ويتخرجون ولا يعرفون إلى أين. ان واقع السياسات التعليمية ضعيف، وغير مؤهل لتحقيق اهداف الأمة واللحاق بالركب الحضاري. ومن أخطر ما نلاحظه في التعليم انه يتنافى بكل أسف مع متطلبات النهضة الاقتصادية على وجه الخصوص، لأننا ننتج قوى بشرية غير قادرة على العمل والانتاج، بل ولاتولي قدرا كافيا من الاحترام لقضية العمل. وكان من اخطر ماركزنا عليه في التعليم صب المعلومات بصورة نظرية واهمال قضية تنمية المهارات العملية، والقيم الاجتماعية وحب الوطن في نفوس الطلاب . هذا بالإضافة إلى احترام العمل.. والرغبة في الإنتاج والتطور والإبداع. وهناك من يعتقد بفشل نظام التعليم العربي في الوفاء بمتطلبات التنمية الإقتصادية، فمع أن أعداد الأساتذة والطلاب في الدول العربية ارتفع ارتفاعا كبيرا إلا أن ذلك جاء على حساب تـردي مستويات التعليم.. ومن المفارقة أنه فيما يعتبر الجيل الحالي أكثر الأجيال العربية تعلما.. فقد فشل هذا الجيل في فهم تعقيدات التطور البشري ودوره في التطور الإجتماعي والإقتصادي.. ويشهد على ذلك تردي دور التعليم في المنطقة العربية إلى مجرد إعطاء الشهادات الورقية من قبل مؤسسات تستقطب الحد الأدنى من التمويل مما أدى إلى الإهتمام بالأعداد على حساب النوعية الأمر ا لذي دفع بملايين الخريجين من ذوي المهارات المنخفضة ليشكلوا رافدا من روافد البطالة لأن معظمهم من واقع غير قابل للتوظيف. إن التعليم عندنا لا يساهم في توطين ونقل التكنولوجيا، والجامعات في عالمنا العربي وفي كثير من بلدان العالم الإسلامي تراوح بين سوء التخطيط وعجز المناهج وتواضع قدرات المدرسين، حتى التعاون بين الجامعات العربية والإسلامية مفقود تقريبا الا في اطر نظرية واتفاقات غير عملية ولاقيمة لها. ان مقررات الدراسة الثانوية والجامعية بعيدة عن متطلبات العصر ولا تحقق بأي شكل من الأشكال الأهداف التي نسعي اليها ولا تؤهلنا إلى دخول القرن القادم بأي شكل من الأشكال، وهذا أمر مؤسف لأن قضية التنمية البشرية مهمة ونوعية المواطن الذي نبنيه وكفاءته وتعليمه وقدراته وإمكاناته اهم بكثير من نوعية السلاح الذي نملكه أو تملكه الأمة. ومن أهم مظاهر تدهور مستوى التعليم فى الوطن العربى: أ - قصور التعليم عن آداء دوره التنموى فى المجالات المختلفة، ففى المجال الزراعى تبدو مساهمة التعليم فى التنمية الزراعية متواضعة رغم ما تعانيه الأمة العربية من نقص الغذاء ورغم حاجتها إلى جهود المهندسين الزراعيين ومهندسي الري المؤهلين. كذلك تكاد تقتصر مساهمة التعليم فى المجال الصناعى على تشغيل وادارة المصانع فى حين يعتمد كثيرا على الخبرة الأجنبية فى عمليات التصميم والإنشاء والصيانة. ب - رغم التوسع فى التعليم الفنى فى بعض الدول العربية إلا أنه مازال قاصرا فى معظمها, وفى الدول التى توسعت فى التعليم الفنى مثل مصر,يعانى معظم حملة الدبلومات الفنية من بطالة حادة بسبب الانفصام بين التعليم والعمالة والتنمية حيث تجرى العملية التعليمية بمعزل عن إحتياجات سوق العمل. ج - فشلت العملية التعليمية فى تربية النشء على الالتزام بالمصلحة العامة والتفكير العلمى وتحقيق التوازن الايجابى بين العمل الجماعى والتميز الشخصى ومما يدل على ذلك هجرة المتعلمين إلى الخارج بحثا عن حياه رغدة , وممارسات الفساد من قبل المتعلمين الذين يعملون فى الحكومة والقطاع العام , وعزوف المتعلمين عن العمل فى الأرياف والمناطق النائية. ويعود قصور التعليم عن تكوين الشخصية السوية إلى محتوى المقررات الدراسية ونوعية المتعلمين وطرق التدريس والنشاط الطلابى داخل مؤسسات التعليم حيث تؤكد أساليب التدريس على ثقافة الذاكرة التي تؤكد على قيم التلقين والسمع والتكرار ومن ثم لا تصلح لتشكيل ثقافة الابداع بما تعنيه من تفكير علمى خلاق في الرؤية وبحث دائم عن المعرفة.كما توجد العديد من القيود التي تحاصر النشاط الطلابي وتحد من انطلاقه وحيويته خاصة في الجانب الثقافي، وهو ما يحول دون تكوين الشخصية الفاعلة اجتماعيا وسياسيا.د - من الظواهر الخطيرة التى لحقت بالتعليم في نهاية القرن العشرين ظاهرة الدروس الخصوصية التى تفشت على نحو وبائى فى مختلفه مراحل التعليم الرسمية والخاصة وهو ما يعني ان الطالب يدفع كارها ليتعلم أو بالأحرى لينجح . هـ - كما أن الإزدحام الشديد داخل الفصول الدراسية في الكثير من البلدان العربية وتعدد الفترات الدراسية في المدرسة الواحدة يضعف من قدرة الطلاب على التعلم والمناقشة والبحث , ويجعل من العملية التعليمية مجرد عملية تلقين وتنتهي بالنجاح فى الإمتحانات. و – يضاف إلى ما سبق تدهور مستوى الأبنية التعليمية وتداعيها وتدني حالة الملاعب والمعامل والمكتبات في العديد من المدارس خاصة مدارس التعليم المجانى في كثير من الدول العربية . هذا وتخضع الجامعات في العالم العربي لهيمنة الدولة ماديا وإدرايا وعلميا حيث تنفق الدولة على الجامعات وتعين القائمين عليها وتتدخل الجهات الأمنية في هذه التعيينات وكذلك في النشاط الطلابي , كما تخضع جامعات وكليات الاقاليم لهيمنة الجامعات الأم لتصبح صورة طبق الأصل منها. كما لا يبعث الدور البحثى للجامعة من منظور التنمية الإقتصادية على الرضا لأن أطروحات الماجستير والدكتوراه ومعظم بحوث الاساتذة غير موجهة لخدمة جهود التنمية ولا تعدو كونها في معظمها أعمالا فردية لا يبغى أصحابها من ورائها سوى المنفعة الشخصية المباشرة كالحصول على درجة أكاديمية أو ترقية أو مقابل مادي، وبعضها لايستحق النشر. ومن الناحية الأخرى فقد لوحظ وجود اختلال واضح في التعليم الجامعي بين التخصصات النظرية للوفاء بمتطلبات التنمية من الكوادر الفنية حيث يشكل طلبة الكليات النظرية نسبة مرتفعة للغاية من مجموع الطلاب (تزيد على 70% فى مصر على سبيل المثال) كذلك يوجد عدم توازن فى توزيع الطلاب على الأقسام المختلفة بالكليات , وكل ذلك يدل على عدم وجود ارتباط بين سياسة التعليم الجامعي وسياسة التنمية في العالم العربي وينتج عن ذلك الإختيار الإعتباطي من قبل الطلبة للتخصصات حيث لا يبغي الطالب من اختيار تخصص معين سوى الحصول على شهادة تضمن له دخلا ومكانة اجتماعية بأقل قدر من الجهد والدراسة في ظل اختلاف الطلبة فى تقديرهم لأهمية هذه العناصر حسب الشخصية والخلفية العائلية والإجتماعية. ويغيب عن جامعاتنا البعد الخاص بصنع سياسة البحث العلمي داخل تلك الجامعات ويخضع لعشوائية وظروف خاصة في الإختيار وفي بعض الأحيان يتقرر من خارج الجامعات ومن خلال طرف أجنبي . وبناء على ما تقدم نتساءل هل يستطيع التعليم الأهلي تحقيق الأهداف التي نرجوها من مؤسساته؟ وللاجابة على هذا السؤال أقول يجب أن لا يصبح التعليم الأهلي صورة طبق الأصل للتعليم العام، بل نعطيه الفرصة للتجديد والتنوع والمرونة والثقة حتى نستطيع أن نقارن بين المخرجات وبذلك نستطيع الحكم على المخرجات والنتائج والمتغيرات التي أحدثها التعليم الأهلي وتطبيق النقاط التالية من وجهة نظري تساعد التعليم الأهلي على تحقيق أهدافه التي نرجوها: 1. تحديد مفردات لكل منهج واعطاء المدارس الأهلية الحرية في اختيار المناهج المناسبة وبهذا نعطي فرصة للتنافس في تأليف المناهج حتى يصبح لدينا في كل مادة اكثر من منهج. 2. البناء والتجهيز: عندما ظهر بحث اللجنة المكلفة بتقييم التعليم في أمريكا بعنوان (أمة معرضة للخطر) كان من الاستجابات ظهور تقرير من الجهات المسؤولة بعنوان أمريكا عام 2000، ومن ضمن ماتضمنه ذلك التقرير انشاء خمسمائة مدرسة مصممة ومجهزة بناء على آخر الدراسات المهتمة بهذا الجانب، وطلب من كل ولاية اتباع ذلك النمط في البناء والتجهيز. 3. إتاحة الفرصة كاملة للمعلمين لمواصلة دراساتهم عن طريق الدراسة المسائية والصيفية، وذلك بالتنسيق مع الجامعات وكليات المعلمين، وليس شرط الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، وإنما دراسة ما لا يقل عن 20 ساعة في مجال الدراسات العليا من أجل تثبيت المعلم 4. اعطاء المعلم تقدير أكثر من الطالب: فالمدارس الأهلية تعطي الطالب تقدير أكثر من المعلم لأنه يدفع، وهذه القضية نتائجها سلبية على العملية التعليمية لأنها تؤدي إلى فقدان اخلاقيات المهنة. 5. التوزيع الجغرافي للمدارس الأهلية والمصاريف المعقولة عوامل تساعد على نجاح التعليم الأهلي. 6. وفي مجال التعليم العالي إنشاء كليات مغايرة للموجود من حيث التخصص والمناهج لأن متطلبات القرن الحالي تختلف من متطلبات القرن الماضي. ومن المهم أن تغير وزارة المعارف وكذلك رئاسة تعليم البنات بل والدولة ككل نظرتها إلى التعليم الأهلي والعاملين فيه، ومنحهم المرونة واعتبارهم شركاء في العملية التعليمة وتطوير اللوائح بحيث تسمح لهم باستقلالية أكبر ونشعرهم بأن لهم دور ومسؤوليات، ثم نعمل على إغلاق الدكاكين والأكشاك التي فتحت باسم المدارس وهي لا تمت إلى التعليم بصلة. ولعل من أكبر الكوارث استغلال المرافق التعليمية من أجل الكسب الرخيص، فأصبحنا نرى مدارس أهلية غير صحية، ومدرسين غير مؤهلين، وإدارات مدرسية متسيبة، وهذه في مجملها أخطاء في حق الوطن. ولا شك أن هناك مدارس تعتبر مفخرة ومناهل علمية حقيقية، وستظل منارات علم وسمعة عطرة لمن انشأها ومن يقوم بادارتها، ولا بد أن تصبح العملية التعليمة مسئولية مشتركة، فالدولة بمفردها لن تستطيع ان تخدم ا لتعليم وتنجحه، بل لابد من تعاونا جميعا: الدولة، الأمة، اهل الفكر، المثقفين، رجال العلم. خاصة وأن المتغيرات المستقبلية كبيرة والقفزات سريعة، والتطورات متلاحقة، لقد دخلنا عصر العولمة.. عصر الكمبيوتر.. عصر الحوار.. عصر حرية الرأي.. وعصر إحترام الرأي الآخر، ولا بد أن تأخذ مدارسنا بالأسباب التالية: ان تخرج من دائرة الحفز والاستظهار وكثرة المواد وتشعبها وخاصة في المراحل الابتدائية والأولى. أن نهتم بقضية التسرب في المراحل المختلفة. التعليم الجامعي يؤثر على التعليم الأولي لأن مخرجات التعليم الجامعي لاتتفق مع متطلبات العصر وحاجة الأمة للقوى العاملة المدربة فآلاف من الطلبة يدخلون الجامعات وآلاف يتخرجون منها وآلاف يتسربون يتسكعون بدون عمل. ان نأخذ في الاعتبار بأن الفجوة قد اخذت تتسع بيننا وبين الغرب. نحن نواجه قرن جديد بدأنا ندخل فيه ونواجه فيه تحديات كبيرة وتغيرات سريعة وثورة اتصال وثورة معلومات وثورة كمبيوتر وانترنت. ان نعلم اولادنا طريقة التفكير.
ان نعي مخاطر العولمة والنظام العالمي الجديد. وختاما نصل إلى حقيقة مهمة وهي أن التعليم هو مفتاح النهضة القادمة، ورأس الحربة لأي تحرك في اتجاه تطوير عالمنا الإسلامي وواقع التعليم في بلادنا يحتاج إلى عناية ومعالجة حكيمة، ونظرات جادة، وخطوات موفقة تأخذ بيد التعليم وتطوره كما وكيفا ومنهجا، ,اساتذة وطلاب وبيئة جامعية وسلوك علمي وتربوي وأخلاقي سليم، يمكننا من بناء تعليم راشد وقوى، يؤهلنا من دخول القرن القادم بثقة أكبر، وقدرات افضل. وواجبنا ونحن نخطط للمرحلة القادمة ان نلتفت دائما إلى مدرسة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف ربى صحابته الكرام، وكيف علمهم وأدبهم وحثهم على العمل الشريف، ,ان يكسب الإنسان رزقه بعرق جبينه، ثم نأخذ باسباب العلم الحديث والتطور التقني والتكنولوجي، وثورة الاتصال في العالم، ونستفيد من كل ذلك لصياغة تعليم جديد بمنهج جديد ووعي وادراك بالدور المطلوب منا في القرن القادم. لقد تخلفنا عندما تنكرنا للعلم، وضعفت مراكز التعليم، وأغفلنا دور البحث العملي وهمشناه، وبعدت الأمة عن روح العلم، وأقبل الناس على دراسات لاروح فيها ولاعلم صحيح، وإنما قوالب متكررة يتخرج منها الطلاب كيفما اتفق دون ان يتعلموا علما صحيحا أو تكون لديهم القدرة على البحث والإستنباط، فقد أصبحنا نركز على الكم وليس الكيف. ولقد تحدثت مرارا عن أهمية المعلم والبحث العلمي والتعليم الصحيح وقلت بأن التعليم قد لعب دورا اساسيا في نهضة اوربا في القرن التاسع عشر، ولعب التعليم دورا اساسيا في نهضة اليابان في عصر ميجي وما تلاه، وبكل أسف أصبحت الفجوة بيننا وبين العالم الآخر كبيرة، بل وأخذت تتسع، وشعر الناس بأن التعليم لا يحقق الآمال المرجوة، مع أنه أداة أساسية للتقدم الحضاري، وظللنا بكل أسف نركز على الحفظ والإستظهار دون عناية بالبحث والابداع، واساتذتنا في كثير من جامعاتنا تحكمهم قوالب محددة وطلابنا يتسابقون في انتظار شهادة يحملونها، وواقع السياسات التعليمية ضعيف وغير مؤهل لتحقيق أهداف الأمة أو اللحاق بالركب.وبكل أسف فإن تدهور التنمية سببه التعليم فهو لا يواكب متطلبات النهضة الإقتصادية ولا التنمية الإجتماعية. إننا ننتج قوى بشرية غير قادرة على الإنتاج، ولا تحترم العمل، لأن تعليمنا لا يساهم في نقل التكنولوجيا وتوطينها، وجامعاتنا في العالم الإسلامي تراوح بين سوء التخطيط وعجز المناهج وضعف المدرسين وغياب السلوك الجامعي القويم. وبكل أسف فان معظم جامعاتنا لاتعرف الدراسات الحديثة ولا وسائل التقنية ولا أدوات الإتصال، حتى أن بعضها لا يعرف الكمبيوتر ولا الإنترنت حتى اليوم. ثم هناك ضعف التعاون بين الجامعات وضعف الصلات بينها حتى لقد أصبحت مفقودة تقريبا إلا في إطار إتفاقيات وبروتوكولات لا قيمة لها.إن القرن القادم قرن يحكمه التعليم وتسيطر عليه المعلومة، ومن يملك المعلومة يملك القوة، ومن العار ان نظل في مقاعد الزبائن، وفي يدنا هذا المنهج السماوي الكبير "الإسلام". ومن هنا فواجبنا أن نأخذ منه بأسباب العلم ونسير على هدى من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده. ولا بد أن نتعامل مع العقل والعلم والإنسان والتربية بصورة أفضل، فقد تحرر العقل ولم يعد يقبل النصوص الجامدة، بل يحتاج إلى مناقشة فكرية وتطارح فكر بفكر، والعلماء مسئولون عن إنحرافات الشباب باهمال الحوار معهم. إن من واجبنا في جامعاتنا وتعليمنا بصورة عامة ان نقدم ا لقرآن والسنة بصورة تصل إلى العقول، وبلغات يفهمها الناس، وان نخاطبهم على قدر عقولهم، ولابد من نظرات جادة في جامعاتنا إلى الفقه والاهتمام به كوسيلة من وسائل الاجتهادحتى يتمشى مع واقع الأمة ويلبي حاجاتها وخاصة في ضوء مستجدات الاحداث والمتغيرات، ,لابد من تغير جذري في المناهج واعداد افضل للمدرسين والكتب. إن معركتنا القادمة هي قضايا تعليمية وفي الأساس هي تحديات قيم، وتحديات مباديء، وتحديات تعليم وتحديات إقتصاد وإنتاجية، ولا بد أن نلعب دورنا كاملا، وطريقنا هو تعليم صحيح ينطلق من جذورنا، ويعتمد على مبادئنا، ويأخذ بأسباب التطور التقني والعلمي، ويستفيد من ثورة الإتصال والمعلومات.
|
|