شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

الذي يملك التكنولوجيا المتقدمة لنقل افكاره وآرائه ومبادئه هو  الذي تكون له في النهاية الغلبة في الميدان الايديولوجي حيث تسود مبادئه وقيمه مهما يكن الرأي فيها ومهما يكن جوهرها .

 أقمار الفضاء غزو جديد

تأدبوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (4 ـ 12 )

محمد عبده يماني

الحمد لله الذي اكرمنا بالاسلام  وبعث الينا خير الأنام ، وكرمه وأكرمه وأدبه ورفع شأنه وختم به الرسالات السماوية وأمرنا باتباعه والسير على هداه ، والتأدب معه وان لانرفع اصواتنا فوق صوته : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ 

قوله صلى الله عليه وآله وسلم  فصل

وهناك قضية نناقشها في هذه الحلقة وهي وجوب التسليم الكامل لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم والسير على هداه واتباع سنته ، فهو القدوة والأسوة في كل ما نفعل ومانقول وانه من الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا قيمة لقول يعارض قوله، بل تلغى النصوص البشرية إذا عارضت نصه، وتلغى الأقيسة إذا عارضت سنته ،  ولا يتوقف قبول ما جاء به على موافقة أحد، وإذا صح الحديث فهو الحق الذي لاشك فيه، وتتهم العقول إذا فهمت ما يخالف قوله.. كيف لا وهو الذي قال الله تعالى في حقه : (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.}    . 

وقد قال كل من الأئمة الأربعة : ( إذا صح الحديث فهو مذهبي ) ولا يمكن أن تتعارض  النصوص الصحيحة على وجه لا يمكن فيه الجمع ولا النسخ ولا الترجيح ، ولكن قد يقع بادىء ذي بدىء وإذا وقع فيحمل على قصور نظر المجتهد.  وإذا سبق إلى ذهن أحد أن حديثا  يعارض آية في كتاب الله  تعالى فليرجع في ذلك إلى العلماء الموثوقين ، الذين أوتوا العلم بالتأويل  ، وفهم حقائق التفسير فهؤلاء هم المعول عليهم في فهم القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، والجمع بين ما يبدو أنه معارض لغيره من الأحاديث أو الآيات الكريمة، وكلمتهم هي المسموعة في نفي التعارض بين الأحاديث الصحيحة، أو بين الحديث الصحيح والنص القرآني،  كما أنه لا يمكن ان تتعارض يقينيات العلم مع النصوص لأن خالق الكون هو الله وسيدنا محمد هو رسول الله  المبلغ عن الله ، وحتى الآن لم يوجد شيء من التعارض ، وأما النظريات فإن وجد منها ما يتعارض مع نص قرآني أو حديث صحيح فيجب ان يتهم الباحث أو العالم نفسه ويعيد النظر في نظريته ، والأجدر بالعالم إذا وجد ان نتائج بحثه في أحد فروع العلم قد عارضت نصا صريحا في كتاب الله تعالى أو صحيح  سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعليه أن يراجع نفسه ويعيد النظر في اسس بحثه ومقومات نتائجه، وسيجد ـ إن عاجلا أو آجلا ـ أن نقص معرفته، وغفلته عن بعض الحقائق العلمية هو الذي كان وراء هذا التعارض، وسيجد أيضا أن النص القرآني الكريم أو الحديث الصحيح قد وفر عليه الوقت والجهد، وكان الهادي إلى معرفة الصواب من الخطأ.. ذلك لأن العلم مهما تقدم وارتقى فلن يتعارض مع النص المنـزل من عند الله ابدا، وهذا ما أصبح واضحا لعلماء المسلمين اليوم اكثر من أي وقت مضى ، بفضل التقدم العلمي المذهل الذي تحقق، وها نحن أولاء نرى في مدرسة الاعجاز العلمي حقائق بهرت العقول، وأثبتت لكل من كان له قلب ان هذا الدين وحي من الله العليم الخبير، وأن هذا النبي الأمي ما ضل ابدا وما غوى {وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى} وقد هدى الله بفضل هذا كبار علماء العصر في كثير من بلاد العالم إلى الإسلام، بعد ان رأوا في آيات القرآن الكريم والحديث الشريف من حقائق حملتهم على إعلان إسلامهم بكل ثقة واطمئنان، ولسان حالهم ومقالهم يردد قول الله تعالى: {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} . 

 الانقياد لحكمه:

ومن الأدب معه عليه الصلاة والسلام كمال الانقياد له والتسليم لأمره وقوله وحكمه قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}  وقال عز وجل: {انما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم ان يقولوا سمعنا واطعنا وأولئك هم المفلحون . فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما }  فلابد للايمان من ثلاثة أمور :

1.          تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم .

2.          عدم الشعور بأي حرج مما يقضي به

3.          التسليم الكامل لقضائه . 

ويجب ان يكون هذا ايضا عند التحاكم الى الشرع في الخلاف ، ويجب ان تتحقق الأمور الثلاثة ، فلا يكون الحكم الا للشرع ولا يشعر كل من المتخاصمين بأي حرج عندما يقضى عليه وان يسلم التسليم الكامل  ، ويطلق بعضهم على هذا التوحيد توحيد التحكيم والانقياد والتسليم، والتوحيد الآخر هو توحيد الله تعالى بالألوهية والعبادة فهما توحيدان لايكمل الإيمان إلا بهما كما جاء في الآية : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا } 

 إكرام أهل بيته والنصح لهم:

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم الأدب مع آل بيته وذريته من بعده والذين انحصروا في نسل السيدة فاطمة الزهراء ثم في السبطين الكريمين الحسن والحسين رضي الله عنهما : قال صلى الله عليه وسلم " اذكركم الله في اهل بيتي ، أذكركم الله في اهل بيتي ، اذكركم الله في اهل بيتي "  وقال صلى الله عليه وسلم : " احبوا الله لما يغدوكم من نعمه ، واحبوني بحب الله ، واحبوا اهل بيتي لحبي " وان من شأن الأدب مع آل بيته توقيرَهم واحترامَهم والنصحَ لهم بالرحمة بهم والتلطف معهم، وحب الخير لهم، والغض عن أخطائهم، والتجاوز عن مسيئهم وقد ضرب الإمام مالك رضي الله عنه مثلا رائعا حين حج المنصور فأقاد مالكا من جعفر بن سليمان  وارسله إليه ليقتص منه فقال مالك: أعوذ بالله ، والله ما ارتفع سوط عن جسمي الا وانا اجعله في حل منه في ذلك الوقت وما ذلك إلا لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما أحب مالك رضي الله عنه أن يقف يوم القيامة وبينه وبين أحد من ذرية المصطفى أو آل بيته ظلامة، ويكفينا ذلك الأدب الذي جاء في الآية الكريمة : { قل لا أسألكم عليه اجرا الا المودة في القربى }. عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين فقال : " من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة "  

 نصح أمته :

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم النصح لعامة المسلمين والرأفة بهم والشفقة عليهم وحب الخير لهم، ودفع الشر عنهم عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة.. قلنا لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم"     واحسن ما يتجلى ذلك بستر عوراتهم، والتيسير على معسرهم، ونصرة مظلومهم، والشفاعة لمحتاجهم ومسيئهم والرفق بجاهلهم وعاصيهم بقصد إصلاحهم وتأديبهم، ومن قبيل ذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعن رجل أتي به إليه وهو سكران فقال رجل من القوم: اللهم العنه ما أكثر ما يؤتي به فقال رسول الله: لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله  .

حرمة الكذب عليه :

ومن الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم أن لايكذب عليه، ولا ينسب إليه قول ما لم يقل أو فعل ما لم يفعل، وقد نهى عن ذلك أشد النهي، وأوعد عليه بأشد الوعيد فقال: "إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" (1)  ذلك لأن قوله تشريع، وإذا جاز الكذب عليه ولم يعرف إنه كذب حصلت الزيادة في الدين أو النقص بمقتضى ذلك فيصير شرعا، بخلاف الكذب على غيره فإنه قاصر على من يكذب . 

قال الإمام النووي في شرح الحديث : ( لافرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في الأحكام ومالا حكم فيه، كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك، فكله حرام من اكبر الكبائر واقبح القبائح بإجماع المسلمين، خلافا لبعض المبتدعة  في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب، وتابعهم على هذا كثير من الجهلة الذي ينسبون أنفسهم إلى الزهد، أو ينسبهم جهلة مثلهم إليه، وزعم بعضهم أن هذا كذب له لاكذب عليه، وهذا الذي انتحلوه وفعلوه واستدلوا به غاية ونهاية الغفلة، وأدل  الدلائل على بعدهم عن معرفة شئ من قواعد الشرع.. فخالفوا قول الله عز وجل {ولاتقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}    وخالفوا إجماع أهل الحل والعقد وغير ذلك من الدلائل القطعيات في تحريم الكذب على آحاد الناس، فكيف بمن قوله شرع وكلامه وحي، وإذا نظر في قولهم وجد كذبا على الله تعالى الذي شهد لسيدنا محمد بالصدق والتبليغ عن الله تعالى فقال عز وجل : {وما ينطق عن الهوى.. ان هو الا وحي يوحي}  فكذبهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب على الله .

ومن أعظم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم ادعاء رؤيته في المنام كذبا دون أن يراه ، وإنه قال كذا وأمر بكذا.. مهما كانت اسباب ذلك ودواعيه، وقد نهى عن ذلك أشد النهي وحذر منه اشد التحذير ، وهذا يعتبر كذبا على الله ايضا ، فقال عليه الصلاة والسلام: " من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل " وهذا عام في حق من كذب في الرؤيا على غيره ، فكيف إذا زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له كذا وكذا، وأمره بكذا وكذا.. وهو كاذب؟!! .

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أن لايضاف إلى سيرته ماليس بصحيح، فان في سيرته من الحقائق ما يغني عن أية إضافة أو زيادة ، وقد حذرنا صلى الله عليه وسلم من ذلك لأن الكذب عليه محرم، وقد وردت الآيات الكثيرة والأحاديث الصحيحة في بيان عظمته وسمو خلقه مما لاحاجة معه إلى مزيد.

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أن لا تذكر له من المعجزات ما هو مكذوب او غير وارد او لا سند صحيح له . 

الأحاديث الصحيحة في المعجزات : 

المعجزة هي الأمر الخارق للعادة تظهر على يد من يدّعي النبوة مقرونة بالتحدي وسميت معجزة لعجز البشـر عـن الإتيان بمثلها ، ولايحتاج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الى معجزات مكذوبة باحاديث موضوعة ، ومعجـزات نبينـا ـ صلى الله عليه وسلم ـ كثيرة غرر ودرر دلائل على نبوته وبراهين على صدقه ، وهو أكثر الأنبياء معجزة ، وابهرهم آية ، واظهرهم برهانا ، وأعظمها القرآن الكريم، أعجز العرب الذين يفتخرون بفصاحتهم ويفتخرون ببلاغتهم عن الاتيان بمثله ، ولما سمع الوليد آية : { إن الله يأمر بالعدل }. قال : ان له لحلاوة ، وان عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر ، سبحان الله ما يقول هذا بشر . ولما سمع الأعرابي قول الله تعالى : { فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين } خر ساجدا  ولما سئل قال : سجدت لفصاحته .

ومن ذلك تسبيح الطعام والحصى في كفه الشريفة، روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقل الماء ، فقال : " اطلبوا  لي فضلة من ماء ، فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل ، وادخل يده في الاناء ، ثم قال : " حي على الطهور المبارك ، والبركة من الله تعالى " فلقد رأيت الماء ينبع من بين اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل "  

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في شرح حديث " كنا نسمع تسبيح الطعام " قد اشتهر على الألسنة ، وتسبيح الحصى . 

وروى أبو ذر رضي الله عنه قال: "تناول النبي صلى الله عليه وسلم سبع حصيات فسبّحن في يده ثم وضعهن في يد ابي بكر فسبّحن، ثم وضعهن في يد عمر فسبّحن ثم وضعهن في يد عثمان فسبّحن فسمع تسبيحهن من في الحلقة.. ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا". ومن ذلك تسليم الحجر عليه صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : (إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن) .

ومن ذلك اضطراب الجبل به وببعض أصحابه، فقد روى انس رضي الله عنه قال: (صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه النبي صلى الله عليه وسلم برجله وقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان) .ومن ذلك انشقاق القمر وكان ذلك بمكة قبل الهجرة بخمس روى البخاري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال : " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين ، فرقة فوق الجبل ، وفرقة دونه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشهدوا " وقد رآه أهل مكة وأهل الشام بل وأهل الأرض كلهم في تلك الليلة، وللحديث طرق كثيرة وروايات كثيرة تبلغ حد التواتر المعنوي .

ومن ذلك حنين الجذع شوقا إليه صلى الله عليه وسلم، و كان يخطب عليه، فلما اتخذ المنبر جزع الجذع فحنّ إلى رسول  الله صلى اله عليه وسلم   4 ، فنزل عن منبره وسكنه حتى هدأ وسكن.

ومن ذلك نبع الماء من بين أصابعه وقد تكرر هذا كثيرا وفي الصحيحين أحاديث كثيرة، منها حديث انس رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع يده في ذلك الإناء فأمر الناس أن يتوضؤا منه، فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه،  فتوضأ الناس حتى توضّأوا عن آخرهم ، وفي لفظ للبخاري كانوا ثمانين رجلا ، وفي لفظ فجعل الماء ينبع من بين وأطراف اصابعه حتى توضأ القوم..قال راويه: فقلنا لأنس: كم كنتم؟ قال ثلاثمائة) .

وفي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه قال: (عطش الناس يوم الحديبية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها، وجهش الناس نحوه، فقال: ما لكم؟ فقالوا: يارسول الله ما عندنا ماء نتوضأ به إلاّ ما بين يديك، فوضع يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين اصابعه كأمثال العيون فشربنا وتوضأنا. قال راويه: قلت كم كنتم؟ قال جابر: لو كنا مئة ألف لكفانا ـ كنا خمس عشرة مائة).

ومن معجزاته الصحيحة تكثير الطعام بدعائه عليه الصلاة والسلام.. فيما روى عن جابر رضي الله عنه في يوم الخندق، فقد صنع جابر طعأما يكفي عشرة أو أقل ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس كلهم أن يذهبوا إلى بيت جابر، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم جابرا أن لايصب الطعام حتى يأتي، فلما أتى أخذ يصب الطعام والقوم يأكلون حتى شبعوا ولم ينقص من الطعام شىء.. وكان الصحابة يومها ألفا كما في صحيح البخاري وغيره .ومن معجزاته كلام الشجرة له وسلامها عليه وطواعيتها له ، وشهادتها له بالرسالة أخرج ابن حبان في صحيحه ، والدارمي في سننه ، والطبراني في الكبير باسناد جيد عن ابن  عمر رضي الله عنهما قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأقبل اعرابي ، فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أين تريد ؟ " قال : إلى أهلي . قال : " هل لك إلى خير " قال : وما هو ؟ قال : " تشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله . " قال : هل من شاهد على ماتقول ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه الشجرة " فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على شاطيء الوادي ، فأقبلت تخد  الأرض خدا ، فقامت بين يديه ، فاستشهدها ثلاثا فشهدت ، ثم رجعت إلى منبتها "  

وعن بريدة سأل اعرابي  النبي صلى الله عليه وسلم آية فقال له : " قل لتلك الشجرة : رسول الله يدعوك. قال : فمالت الشجرة عن يمينها وشمالها وبين يديها وخلفها ، فتقطعت عروقها ، ثم جاءت تخد الأرض تجر عروقها مغيرة ، حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : السلام عليك يارسول الله . فقال الأعرابي : مرها فلترجع إلى منبتها ، فرجعت فدلت عروقها في ذلك الموضع فاستقرت . فقال أعرابي : ائذن لي أن اسجد لك . قال : لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "  

وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه " سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح   فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته ، فاتبعته بإداوة من ماء ، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به ، فإذا شجرتان في شاطيء الوادي ، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال : " انقادي علي بإذن الله " فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده ، ثم فعل بالأخرى كذلك حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال : " التئما علي بإذن الله فالتأمتا "  . 

ومن معجزاته سجود الجمل وشكواه له صلى الله عليه وسلم: عن أنس رضـي الله عنه كان اهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه ، وإنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره ، وأن الأنصار جاءواإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنه كان لنا جمل نسني  عليه ، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره ، وقد عطش الزرع والنخل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " قوموا " فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحية . فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه . فقال الأنصار : يارسول الله قد صار مثل الكلب ، وإنا نخاف عليك صولته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس علي منه بأس . فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه ، فأخذ رسول الله بناصيته ، أذل ما كان قط حتى أدخله في  العمل . فقال له أصحابه : يارسول الله هذه بهيمة لاتعقل تسجد لك ، ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لايصح لبشر أن يسجد لبشر ، لو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها "   

وأخرج ابن شاهين في الدلائل عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال : أردفني رسول الله ذات يوم خلفه فأسر الي حديثا لا أحدث به أحدا من الناس قال : وكان أحـب ما استتر به النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته هدف أو حائش نخل ، فدخل حائط رجل من الأنصار ، فإذا جمل فلما رأى النبي صلى اله عليه وسلم حن وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسح ذفريه فسكن ، ثم قال : " من رب هذاالجمل ؟ " فجاء فتى من الأنصار فقال : هذا لي يارسول الله : فقال: " ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ، فإنه شكا لي أنك تجيعه وتدئبه "  

ومن معجزاته كلام الذئب من حديث ابي سعيد الخدري فرواه الأمام احمد باسناد جيد ولفظه : عدا الذئب على شاة فأخذها ، فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه وقال : الا تتقي الله تنزع مني رزقا ساقه الله الي . فقال الراعي : يا عجبا ذئب مقع على ذنبه يتكلم بكلام الإنس . فقال الذئب : الااخبرك بأعجب من ذلك . محمد بيثرب يخبر الناس بأنباء ماسبق . قال فأقبل  الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره . فأمر رسول الله صلـى الله عليه وسلم فنودي بالصلاة جامعة ، ثم خرج فقال للأعرابي : أخبرهم.. أخبرهم  .

وروى البغوي في شرح السنة وأحمد في مسنده وابو نعيم بسند صحيح عن أبي هريرة ايضا قال : جاء ذئب إلى راعي غنم فأخذ منه شاة ، فطلبه الراعي حتى انتزعها منه . قال : فصعد الذئب على تل فأقعى ( جعل ذنبه بين رجليه ) فاستغفر وقال  : عمدت إلى رزق رزقنيه الله أخذته وانتزعته مني ؟ فقال الرجل ؟ تا لله إن رأيت كاليوم ذئباً يتكلم . فقال الذئب أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وما هو كائن بعدكم ولا تتبعونه . قال : وكان الرجل يهوديا ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وأسلم . فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : إنها أمارات بين يدي الساعة قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى يحدثه نعلاه وسوطه بما أحدث اهله بعده .

وختاما لهذه الحلقة فانه من الواجب علينا ان نتتبع السيرة النبوية الشرعية ، فنتعلمعها ، ونتعلم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب