شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

كشفت ازمة الخليج عوراتنا ولم نجد من اوراق اشجارنا ما نخصفه على سوءاتنا ووقفنا وجه لوجه امام الحقيقة والمصيبة الفادحة وهي اننا امة هشة ضعيفة واضعف ما فينا نفوسنا المريضة ، وأشد امراضنا ضمائرنا واغلى ما عندنا أموالنا وأنفسنا ومصالحنا.

 وكشفت أزمة الخليج عوراتنا

تأدبوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (11 ـ 12 )

محمد عبده يماني

خاب وخسر .. خاب وخسر من اساء الأدب مع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بأي شكل وبأي لون من الأيذاء او السخرية والاستهزاء ، فهذا رب العالمين الذي احبه وخصه بخصائص عظيمة يحذرنا في القرآن الكريم :{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } 

أدب الحيوان والجماد مع رسول الله

لقد أحب الحيوان والجماد والنبات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأطاعوه وامتثلوا لأمره وسبحوا الله بين يديه ولهذا فكلما  تجددت الذكريات العطرة في التاريخ الاسلامي المشرق.. شعرنا بالحاجة لربط الناشئه بتلك الصور المشرقة لأنها تعين على التعرف على جوانب من هذا التاريخ العظيم.. ومسألة حب الحيوان والجماد لرسول الله صلى الله عليه وسلم  تمثل جانبا مهما من السيرة لأنه يرينا كيف أن هذه المخلوقات وهى غير عاقله ولامكلفة أحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم  ومن الأمثلة المهمة على ذلك محبة جبل أحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم  وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم  يعلمنا بقوله "هذا أحد، جبل يحبنا ونحبه" فهذا الجبل الصخر الصامد احب رسول الله صلى الله عليه وسلم  لأن الله قد غرس فيه حب المصطفى وكما يقول الشيخ المحدث الدكتور خليل ملا خاطر : " ومن نظر الى جبل احد لايجد فيه  - من حيث الظاهر - ما يفرقه عن غيره من الجبال، بل قد يكون دون غيره بكثير، فلا شجر ولاماء ولاخضرة لديه، لذا قل ان يثير ما يحب لأجله. فلما غرس الله سبحانه وتعالى فيه محبة النبي صلى الله عليه وسلم، بادله النبي صلى الله عليه وسلم  نفس الحب والشوق. 

كما ان في هذا النص اظهارا لمكانة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث غرس الله سبحانه وتعالى في الجمادات حبه، والشوق اليه.. مع ما في الجبال من يبوسة وفظاظه وقوة وصلابة وكثافة. فاذا كانت الجمادات - والمتمثله بالجبال في هذا الحديث - وهي التي لاتعقل ولاتدرك في الظاهر، قد اسكن الله سبحانه وتعالى فيها محبة نبيه وصفيه وحبيبه صلى الله عليه وسلم.. وهذا يدل على محبة الله سبحانه وتعالى لنبيه عليه وآله الصلاة والسلام ورفعة مكانته عليه وآله الصلاة والسلام  واذا كانت الجمادات وهى التي لاتعقل ولاتدرك، وغير مكلفة في الظاهر ومع هذا تحبه صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون الانسان العاقل المدرك المكلف والمأمور.وهناك قضية حنين الجذع اليه صلى الله عليه وسلم  فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم  - قبل أن يصنع منبره الشريف - يخطب قائما معتمدا على جذع نخل منصوب على يمين المحراب اليوم فاذا طال وقوفه صلى الله عليه وسلم، أو شعر بتعب ، وضع يده الشريفة على ذلك الجذع. 

فلما كثر عدد المصلين، وضاق المسجد بأهله، ولم يعد يرى - من صلى في اخر المسجد او من كان جالسا في اخره - رسول الله صلى الله عليه وسلم  اذا وقف في مقدمة المسجد، اضافة الى تقدم سن النبي صلى الله عليه وسلم، مما جعل الصحابة رضـي الله عنهم يشفقون عليه صلى الله عليه وسلم اذا طال وقوفه، لذا أشار عليه بعضهم ان يصنعوا له منبرا، فوافق صلى الله عليه وسلم على ذلك، فصنعوه من طرفاء الغابة. 

فلما وضع للنبي صلى الله عليه وسلم  المنبر في موضعه، وخرج صلى الله عليه وسلم  من باب الحجرة الشريفة، يوم الجمعة يريد المنبر، ليخطب عليه، فلما جاوز الجذع الذي كان يخطب عنده، وصعد المنبر، واذا بالجذع يحن إليه بصوت يسمعه كل من كان في المسجد، حتى ارتج المسجد، ولم يهدأ فتأثر الصحابة رضي الله عنهم، وتعجبوا لذلك تعجبا شديدا.

هذا الجذع اليابس يحن ويصيح لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعندها نزل النبي صلى الله عليه وسلم  عن المنبر، واتى الجذع، فوضع يده الشريفة عليه ومسحه، ثم ضمهصلى الله عليه وسلم بين يديه الى صدره الشريف حتى هدأ.. ثم خيره صلى الله عليه وسلم - بأن سارره وهو الجماد الميت - بين ان يكون شجرة في الجنة؛ تشرب عروقه من انهار الجنة وعيونها، ويأكل منه المؤمنون فيها، وبين ان يعود شجرة مثمرة في الدنيا.. وذلك بأن يعيده الى بستانه الذي كان فيه، فيثمر من جديد ويأكل منه المؤمنون؟. 

فاختار الجذع المشوق الحنان ان يكون شجرة في الجنة، فقال عليه الصلاة والسلام: "أفعل ان شاء الله، أفعل ان شاء الله، أفعل إن شاء الله" فسكن الجذع. ثم قال:" صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو لم التزمه لبقي يحن إلى قيام  الساعة شوقا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " كما جاء في عدد من الاحايث  . هذا جماد ابتعد عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم  أمتارا أربعة أو خمسة، فلم يتحمل هذا البعد، ولم يطقه، يبكي ويحن شوقا اليه صلى الله عليه وسلم، وحزنا على فراقه صلى الله عليه وسلم، ولم يهدأ حتى ضمه صلى الله عليه وسلم  وخيره.ثم هذا حجر وتلك شجرة تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم  وتحبه وتعرفه فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  "إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن" رواه مسلم. 

وفي رواية عند  أحمد والترمذي والبيهقي "كان يسلم علي ليالي بعثت".. وهذا السلام من هذا الحجر يوضح حب هذا الجماد وان كان الحجر لم يتفرد بالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، بل كان يشاركه الجبل والشجر.فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم  بمكة، فخرجنا معه في بعض نواحيها، فمررنا بين الجبال والشجر، فلم نمر بشجرة ولاجبل، الا قال: السلام عليك يا رسول الله..وفي لفظ "فجعل لا يمر على شجر ولا حجر الا سلم عليه" وفي لفظ للبيهيقي" فما استقبله شجر الا قال له السلام عليك يا رسول الله".وفي لفظ له ايضا: لقد رأيتني أدخل معه - يعني النبي صلى الله عليه وسلم  فلا يمر بحجر ولا شجر الا قال: السلام عليك يا رسول الله، وأنا أسمعه. رواه الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، وأقره الذهبي والدارمي وأبو نعيم والبيهقي. 

ففي هذه النصوص: لايمر بحجر ولاشجر ولاجبل ولامدر الا وسلم عليه صلى الله عليه وسلم. 

ويلاحظ في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، الذي سمع السلام هو والنبي صلى الله عليه وسلم  لأنه كان بمفرده أما في حديث علي رضي الله عنه، فقد سمعه علي رضي الله عنه ومن معه، اضافة الى سماع النبي صلى الله عليه وسلم، فهو نطق صريح من هذه الجبال والاشجار والاحجار في سلامها على النبي صلى الله عليه وسلم  .كما روي أهل السير أن النبي صلى الله عليه وسلم، حين اراد الله عز وجل كرامته، وابتدأه بالنبوة، جعل لايمر في شعاب مكة وبطون اوديتها، فيمر بحجر او شجر الا قال: السلام عليك يا رسول الله.ويلاحظ هنا صيغة السلام: السلام عليك يا رسول الله.. ولم يكن هذا السلام معروفا في الجاهلية.. فهي تعلم انه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. لذا خاطبته بهذه الصيغة، فما بال فسقة الإنس والجن الذين لايصلون عليه ولا يوقرونه.هذا عن الحجر والشجر الذي سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن يعلـي ابن مرة الثقفي رضي الله عنه قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنـزلنا منزلا، فنام النبي صلى الله عليه وسلم  فجاءت شجرة تشق الأرض، حتى غشيته، ثم رجعت الى مكانها، فلما استيقظ ذكرت له ذلك، فقال: هي شجرة استأذنت ربها عز وجل في ان تسلم علي، فأذن لها" - رواه أحمد والطبراني وابو نعيم والبيهقي، ورجال احمد وابي نعيم والبيهقي رجال الصحيح وللحديث شواهد  . 

ثم نأتي الى قضية مهمة وهي تسبيح الطعام والحصى بين يديه صلى الله عليه وسلم  فقد كان الطعام يسبح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لون من الوان التعبير عن المحبة. 

وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كنا نعد الايات بركة، وانتم تعدونها تخويفا، وكنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  في سفر، فقل الماء، فقال: اطلبوا فضلة من ماء" فجاؤوا بإناء فيه ماء قليل، فأدخل يده في الاناء ثم قال:"حي على الطهور المبارك، والبركة من الله" فلقد رأيت الماء ينبع من بين اصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل - رواه البخاري. 

وفي رواية الاسماعيلي والترمذي والبيهقي - لهذا الحديث: كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن نسمع تسبيح الطعام.

 وهذا النص يدل على التكرار "كنا نسمع" والله تعالى أعلم. 

وفي رواية عنه رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  في سفر، فدعا بالطعام، وكان الطعام يسبح. - رواه ابن حبان بسند قوي. 

واذا كان في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان المسبّح هو الطعام، فانا نجد الحصى تسبح بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم  ايضا، ولم يقتصر تسبيحها على كونها في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل سبحت في يد ابي بكر ويد عمر ويد عثمان رضي الله عنهم جميعا.. ولم يكن علي حاضرا ولكن ذلك كان بسببه هوصلى الله عليه وسلم فهو معجزة له وكرامة للأئمة الثلاثة . 

   والنبي صلى الله عليه وسلم  لم يأمر الحصيات - ظاهرا - ولكن الفعل ابلغ من القول  . 

"فعن ابي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: اني لشاهد عند النبي صلى الله عليه وسلم  في حلقة، وفي يده حصيات، فسبحن في يده - وفينا ابو بكر وعمر وعثمان ، يسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم  الى ابي بكر فسبحن مع ابي بكر، يسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم  الى عمر، فسبحن في يده، يسمع تسبيحهن من في الحلقة، ثم دفعهن النبي صلى الله عليه وسلم  الى عثمان، فسبحن في يده، ثم دفعهن الينا، فلم يسبحن مع احد منا.. - رواه ابو نعيم في دلائل النبوة - بإسنادين - احدهما برجال ثقات - ورواه البزار بإسنادين أحدهما ثقات ورواه ابن ابي عاصم بإسناد جيد، ورواه البيهقي والبزار والطبراني في الأوسط، من طريق أخر.. وقال الهيثمي عن اسناد البزار الأول: اسناده صحيح.. وقال في موطن آخر.. رواه البزار بإسنادين، ورجال أحدهما ثقات.. ورواه التيمي مختصرا ومطولا في الدلائل قلت وإسناد ابي نعيم الأول وإسناد البزار الثاني كافيان لصحة الحديث والله تعالى أعلم" . 

ثم هناك موضوع تأدب الحيوانات معه صلى الله عليه وسلم  فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: " كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش، فاذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم  لعب واشتد، واقبل وادبر، فاذا احس برسول الله صلى الله عليه وسلم  قد دخل، ربض فلم يترمرم، ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم  في البيت، كراهية ان يؤذيه.. رواه أحمد - من طريقين - وابو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط وابو نعيم والبيهقي في الدلائل والدارقطني برجال الصحيح.. وقال ابن كثير - رحمه الله عن سند احمد: هذا الاسناد على شرط الصحيح، ولم يخرجوه، وهو حديث مشهور والله تعالى أعلم " . 

فهذا حيوان بهيم يحترم ويقدر - النبي صلى الله عليه وسلم  ويبجله ويجله، ولايزعجه بحركته، ولايؤذيه بلعبه واشتداده، فاذا احس بدخوله صلى الله عليه وسلم  ربض ولم يتحرك، وهو حيوان.. فماذا يقال عن بعض جهلة المسلمين الذين يرفعون اصواتهم بالصراخ والصياح.. عند الحجرة الشريفة، وعند افتتاح ابواب الحرم في السحر، وفي الروضة الشريفة، وفي المناسبات؟ أسأل الله تعالى ان يلهم المسلمين الأدب الكامل معه ومع نبيه صلى الله عليه وسلم  انه قادر. 

ودعونا نقرأ هذه الحادثة الطريفة وهي غريبة ولكنها تدل على مدى ادب الحيوانات واحترامها وتقديرها للنبي صلى الله عليه وسلم، مع انها حصلت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم. أخرج الحاكم ج3: 66 عن محمد بن المنكدر ان:" سفينه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: ركبت البحر، فانكسرت سفينتي التي كنت فيها، فركبت لوحا من ألواحها، فطرحني اللوح في أجمة فيها الأسد، فأقبل الي يريدني، فقلت يا أبا الحارث، انا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم   (زاد في رواية، كان من امري كيت وكيت، فأقبل الأسد) فطأطأ رأسة واقبل الي، فدفعني بمنكبه حتى أخرجني من الأجمة، ووقفني على الطريق، ثم همهم فظننت انه يودعني.. فكان ذلك آخر عهدي به.. رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي، والطبراني في الكبير، والبزار وعبد الرزاق في مصنفه، وأبو نعيم في الحلية والدلائل، والبيهقي في الدلائل، والتيمي في الدلائل، وأبو يعلي، وعزاه السيوطي في الخصائص: لابن سعد وابن منده، اضافه لأبي يعلي والبزار والحاكم. 

قلت: ورجاله عند عدد منهم ثقات، وقد ورد عند اغلبهم عن محمد بن المنكدر عنه، لكن ورد عنه ايضا من طريق ابي ريحانه وقد قال ابن سيد الناس رحمة الله تعالى:

والليث أذوى في سفينة مفردا               بالروم في فيفاء قفر بلقــع

مازال يكلؤه الى ان دلــه                 عند الامان على سواء المشرع 

فاذا كان الاسد - ويظهر انه كان جائعا لأنه جاء يريده عندما سمع من سفينة رضي الله عنه انه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم  ما كان منه الا ان طأطأ رأسه وتأدب، ثم لم يكتف بذلك، بل بقي يسير معه ويوجهه من مكان لآخر، واذا سمع صوتا ذهب اليه، ثم عاد الى سفينة رضي الله عنه، حتى اوصله الى الطريق الذي فيه الجيش الذي كان قد ابتعد عنه"  .

هذا حيوان مفترس متوحش.. وفعل هذا الفعل، فماذا يقول المسلمون المقصرون وفعل الأسد انما هو بإذن الله تعالى قذف في قلبه ونفسه التأدب والاحترام .على ان الله سبحانه سخر لصحابة نبيه صلى الله عليه وسلم الحيوانات والجماد اكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الشيخان عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : بعث رسول  الله صلى الله عليه وسلم سرية ، أمر عليها عاصم ابن ابي الأقلح رضي الله عنه . الحديث بطوله في قصة خبيب بن عدي رضي الله عنه وفيه : ان عاصما قال : لا انزل في ذمة مشرك وكان قد عاهد الله ان لايمس مشركا ولا يمسه مشرك فأرسلت قريش ليأتوا بشيء من جسده ، وكان قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ، فبعث الله عليه مثل الظلة من الدبر فحمته منهم ، ولذلك كان يقال : حمى الدبر "    . وعن عروة في تلك القصة : اراد المشركون ان يقطعوا رأسه فيبعثوه الى المشركين بمكة ، فبعث الله الدبر تطير في وجوه القوم وتلدغهم فحالت بينه وبينهم ان يقطعوا رأسه .كذلك ذكر صاحب شرعة الاسلام ان ابا علاء الحضرمي رضي الله عنه كان على رأس سرية وانهم ضلوا في الصحراء وليس معهم ماء ، فوقف قائلا ياحليم ياعليم يا علي يا عظيم  انا في طاعتك وطاعة رسولك ، اسقنا ، فما ذهبوا كثيرا حتى مروا على جدول ماء صاف فشربوا وتوضئوا وملئوا اسقيتهم واوعيتهم وطبخوا ثم ارتحلوا ، ونسي احدهم متاعا عند الماء فرجع فلم يجد قطرة ماء . كذلك روي انهم تعرضوا لمضيق حال بينهم وبين المسير لمقصدهم في الجهاد في سبيل الله ، فوقف وقال : ياحليم ياعليم، يا علي يا عظيم انا في طاعتك وطاعة رسولك أجزنا ، وأمر الصحابة ان يخوضوا ، فخاضوا وانتقلوا للطرف الآخر .وكذلك روي عن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه بعد وقعة  القادسية عندما اراد التوجه للمدائن حال نهر دجلة بينهم وبين  العدو ، فوقف قائلا : ما اظن ان دجلة يعصي الله وامرهم بالخوض في الماء ، فخاضوا وانتقلوا الى الضفة الثانية ولم يصابوا بسوء ولا نقص لهم متاع  . 

وهذه حادثة اوردها العلامة ابن حجر العسقلاني في كتابه النفيس " الدرر الكامة في الجزء الثالث في الصفحة 202 وهي مهمة جدا يقول فيها : " كان النصارى ينشرون دعاتهم بين قبائل المغول طمعا في تنصيرهم ، وقد مهد لهم الطاغية ( هولاكو) سبيل الدعوة بسبب زوجته الصليبية ( ظفر خاتون ) ، ,ذات مرة توجه جماعة من كبار النصارى لحضور حفل مغولي كبير عقد بسبب تنصر احد امراء المغول ، فأخذ واحد من دعاة النصارى في شتم النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان هناك كلب صيد مربوط ، فلما بدأ هذا الصليبي الحاقد في شتم النبي صلى الله عليه وسلم زمجر الكلب وهاج ثم وثب على الصليبي بشدة فخلصوه منه بعد جهد ، فقال بعض الحاضرين : هذا بكلامك في حق محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فقال الصليبي : كلا بل هذا الكلب عزيز النفس ، رآني اشير بيدي فظن اني اريد ضربه . ثم عاد لسب النبي صلى الله عليه وسلم ، ,اقذع في السب ، ‘ندها قطع الكلب رباطه ووثب على عنق الصليبي وقلع زوره في الحال ، فمات الصليبي من فوره ، فعندها اسلم نحو اربعين الفا من المغول " 

هذه بعض صور المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم  من قبل الجمادات والحيوانات والنباتات.. وكلها تدل على عظمة الله عز وجل الذي ذلل هذه المخلوقات ووضع فيها الحب لهذا النبي الكريم والرسول العظيم عليه افضل الصلاة والتسليم وهى وان كانت خارقة للعادة.. إلا انها لا تستغرب ولا تستكثر في حق مقلب القلوب عز وجل والفعال لما يريد الذي بيده ملكوت كل شىء سبحانه وتعالى.. الذي احب رسوله صلى الله عليه وسلم.. وعلمنا حبه وامرنا بهذا الحب.. وجعل فيه النجاح والفلاح.. واوضح انه يبدأ بالاتباع.. والخضوع والانقياد لمنهج الله الذي جاء به صلى الله عليه وسلم.. ومن هنا كان واجبا ان نحبه ونعلم اولادنا حبه.. ونأخذ بأيديهم لدارسة السيرة النبوية العطرة.. ولقد فرحت كثيرا وانا ارى بعض جامعات المملكة تبدأ بتطبيق عملية تدريس السيرة النبوية لجميع الطلاب كمادة أساسية ولا شك أن السيرة زاخرة بالفضائل.. والعظات والكرامات.. والدلائل على مكانته ومكانة أصحابة ولكن المهم.. كيفية تدريسها.. ومنهج معالجتها.. والذين يقومون بتدريسها حتى تحصل الفائدة ويتم النفع خاصة لشباب هذه الأمة وشوابها في مثل هذه المرحلة المهمة من حياتهم فالحمد لله رب العالمين وأسأل الله ان ينفع بها ويوفقنا الى مزيد من العناية بهذه السيرة النبوية العطرة له صلى الله عليه وسلم  وآل بيته الطيبين الطاهرين.. وصحابته الكرام البرره والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل .

 

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب