شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي ميزان الايمان ، فمن اراد ان يختبر ايمانه فليتحسس مقدار محبته لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، هل يحبه المحبة الكاملة والخالصة ،وهل يحبه اكثر من ماله ، واكثر من ولده ، بل واكثر من نفسه التي بين جنبيه عندها يرتاح الانسان المؤمن ويطمئن لتمام ايمانه .

 بأبي انت وأمي يارسول الله

كيف أحب الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم
محمد عبده يمانـي


  هذا النبي الكريم والرسول العظيم، الذي أرسله الله رحمة للعالمين، كرمه الله واكرمه، ورفع شأنه وذكره، وأدبه وأحبه، وأمرنا بحبه واتباعه، ولكننا عندما نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لابد أن نعرف طريق هذه المحبة ونتعلم كيف نحبه وكيف نجله، وكيف نتأدب معه، فاذا أردنا معرفة ذلك فان أفضل السبل هى أن نتعلم كيف أحب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا النبي الكريم والرسول العظيم، فمحبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لنا ونموذج ومثال، فقد أقبل هؤلاء الرجال والنساء بقلوبهم وعقولهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلوا محبته عليه الصلاة والسلام مقدمة على كل شيء . ولهذا فمن أراد أن يعبر عن حبه لهذا النبي الكريم والرسول العظيم فعليه أن يقتدى بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لانه وهو المعلم الأول نبهنا عليه الصلاة والسلام أننا اذا أردنا أن نقدم على عمل فعلينا بسنته، فهو القدوة وهو الأسوة، ثم علمنا أن نقتدى بسنة صحابته، ومن هنا فاننا عندما نتعمق فى صور ذلك الحب الذى عبر به الصحابة رضوان الله عليهم، نحس بصدق المحبة وعمقها، فقد ضربوا فى ذلك أروع الأمثال.


(1) لقد ضرب الصحابة الكرام رضى الله عنهم أروع الأمثله فى محبتهم للنبى صلى الله عليه وسلم ، وتوقيره ، واحترامه ، وتبجيله ، وطاعته ، وامتثال أمره، والنصح له، وموالاة من والاه ، ومعاداة من عاداه، حتى لو كان أحب وأعز الناس اليهم، ثم تعظيم سنته صلى الله عليه وسلم، والذب عنها، والتخلق بأخلاقه، والاتصاف بما جاء به صلى الله عليه وسلم.
  ومن يراجع الأحاديث النبوية يجد أن هناك نصوصا كثيرة تعطي صورا رائعة عن هذه المحبه.


(2) وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة حمراء من أدم، ورأيت بلالا أخذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورأيت الناس يبتدرون ذاك الوضوء ، فمن أصاب منه شيئا تمسح به ، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه … (الحديث متفق عليه  ، وله طرق وروايات متعددة).وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال …. وما كان أحد أحب الي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه اجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن أملأ عيني منه (الحديث رواه مسلم) …وليس هذا شأن عمرو رضي الله عنه، بل هو شأن عامة الصحابة رضي الله عنهم وارضاهم.فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لم يكن شخص أحب اليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. (الحديث رواه أحمد ، والترمذى وصححه، والبخارى في الأدب والمفرد في آخرين) وفي حديث جابر رضي الله عنه – الطويل، في قصة وفاء دين أبيه – وفيه: والله ان مجلس بني سلمة لينظرون اليه، وهو أحب اليهم من عيونهم، ما يقربونه مخافة أن يؤذوه. (الحديث، رواه الدارمي وأحمد برجال الصحيح وحسنه الحافظ).
  وعن أنس رضي الله عنه قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه، وأطاف به أصحابه، فما يريدون أن تقع شعرة الا في يد رجل. (رواه مسلم) 
  ومن مظاهر محبتهم له صلى الله عليه وسلم، فداؤهم له، ودفاعهم عنه، والحيلولة دون وصول الأذى اليه صلى الله عليه وسلم، وكانوا يستهينون بكل غال فى سبيل اسعاده وهناءته صلى الله عليه وسلم.. وهذا باب واسع ذكرت منه كثيرا في "الشوق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم…".
  فمن ذلك: قول أبي طلحة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، لا تشرف، لا يصبك سهم من سهام القوم، نحري دون نحرك (كما في حديث أنس المتفق عليه) .
  وتترس أبي دجانة رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، حتى صار ظهره كالقنفذ من السهام، وتقدم الكوكبة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم في القتال دونه يوم أحد حتى قتلوا جميعا، وهم من الأنصار،  وهناك مظاهر أخرىمن المحبة فمن،

مظاهر محبتهم له وتعظيمهم له صلى الله عليه وسلم:-
(3) أن يكرموا ما مس يده صلى الله عليه وسلم. فهذا عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: ما تغنيت ولا تمنيت، ولا مسست ذكرى بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه ابن ماجه وغيره، ونحوه عن عمران بن حصين رضي الله عنه عند أحمد، والحاكم وصححه وأقره الذهبي) .ومن مظاهر محبتهم وتعظيمهم رضي الله عنهم له صلى الله عليه وسلم فداؤهم له بآبائهم وامهاتهم وأنفسهم، كقول أحدهم: جعلني الله فداءك، فداك أبي وأمي، أو: بابي أنت وأمي.. (وهذا باب واسع جاء في الصحيحين وغيرهما من ذلك كثير).ومن مظاهر محبتهم رضي الله عنهم وتوقيرهم وتعظيمهم له صلى الله عليه وسلم أنهم اذا قدموا من سفر بدؤوا به صلى الله عليه وسلم، فنظروا اليه، وسلموا عليه، قبل أن يذهبوا الى بيوتهم. (كما فى حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عند الترمذى وحسنه والحاكم وصححه) .ومن مظاهر محبتهم رضي الله عنهم وتعظيمهم له صلى الله عليه وسلم تكريمهم لوجه نبيهم صلى الله عليه وسلم، كقول سلمة رضي الله عنه: والذى كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم. كما في صحيح مسلم . ومن مظاهر محبتهم رضي الله عنهم وتعظيمهم له صلى الله عليه وسلم أن أبا أيوب رضي الله عنه عندما قدم صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة ونزل عنده، لم يرض أن يبقى صلى الله عليه وسلم في الدور الأرضى – وهو في الأعلى – فامضى ليله كله في زاوية من البيت مع زوجه خشية أن يتحركوا فيؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى قال رضي الله عنه: لا أعلو سقيفة أنت تحتها، حتى تحول صلى الله عليه وسلم. كما في صحيح مسلم .ومن محبتهم له صلى الله عليه وسلم ان النسوة اذا أبطأ أولادهن عن رؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاتبنهم ويؤنبونهم، عدة أيام، كما فى حديث عند الترمذى وحسنه، وأحمد والنسائي في الكبرى .ومن ذلك اختيار أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، الله ورسوله والدار الآخرة، عندما خيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.ومن ذلك أيضا ارسال أبي بكر الصديق رضي الله عنه جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما، ورفضه حل لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم.بل من تعظيمهم له صلى الله عليه وسلم تعظيم أدواته حتى لا يمسها مشرك. كما فعلت أم حبيبة رضي الله عنها مع أبيها أبي سفيان عندما دخل عليها قبل الفتح، فطوت فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يجلس عليه. وكما فعل أبو دجانة رضي الله عنه بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يقتل به هندا زوج أبي سفيان عندما ولولت وعرف أنها امرأة، اكراما لسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم.ومن ذلك ابقاء بعض الصحابة رضي الله عنهم ناصيته، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسها.ومن محبتهم له صلى الله عليه وسلم أنه اذا دخل عليهم رضي الله عنهم لم يرفعوا اليه رؤوسهم اعظاما له صلى الله عليه وسلم – كما في حديث بريدة رضي الله عنه، عند الحاكم .واذا جلسوا معه صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسهم الطير، كما في حديث أبي سعيد عند البخارى. وحديث البراء عند أحمد والنسائي وابن ماجه، والحاكم وصححه واقره الذهبي، وحديث أسامة بن شريك عند أحمد وأبي داود والطيالسي، والحاكم وابن حبان – وصححاه – والطبراني والبيهقي وغيرهم .وكانوا لا يرفعون أصواتهم رضي الله عنهم عنده صلى الله عليه وسلم، واذا رفع أحد عنده صوته، زجروه، وأمروه بخفض صوته، كما في حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه عند أحمد، والترمذى وابن حبان وصححاه، وعبد الرزاق والحميدى والطيالسي .ومن محبتهم رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم فرحهم باسلام عمه أكثر من فرحهم باسلام آبائهم، كما في حديث أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وسيأتي ذكر ذلك في فقرة قادمة ان شاء الله تعالى.ولايخفى قولهم رضي الله عنهم عند الاحتضار : غدا القى الأحبة محمدا وحزبه.بل بلغ بهم رضي الله عنهم التعظيم والمحبة له صلى الله عليه وسلم أن احدهم يتمنى أن يقطع أوصالا بيد الأعداء، ولا يصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بشوكة، وهو بين أهله واصحابه، حتى قال أبو سفيان: والله ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا صلى الله عليه وسلم. ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت من الصحابة فى حضوره وغيابه وفى حياته وموته.

 

(4) كما يتضح من شدة تمسكهم وطاعتهم له صلى الله عليه وسلم، سواء حاضرا أم غائبا، حيا أم ميتا: ذلك التطبيق العملي للسنة وسيأتي ذكر بعض النصوص أيضا ان شاء الله تعالى.ومن محبتهم لرسولهم صلى الله عليه وسلم امتناع عثمان رضي الله عنه عن الطواف بالبيت- عندما طلب منه كفار قريش ذلك- لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف به، فقال لهم رضي الله عنه: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم،  وقد حبسوه، فكان سبب بيعة الرضوان.ومن محبتهم رضي الله عنهم وتوقيرهم له صلى الله عليه وسلم أن كبارهم، أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، اذا حدثوه صلى الله عليه وسلم، حدثوه كأخي السرار، ولم يسمعوه حتى يستفهم. ومن مظاهر محبتهم رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم  حصل لهم يوم وفاته صلى الله عليه وسلم، فمنهم من صعق، ومنهم من أقعد، ومنهم من ذهل… بل منهم من مات، رضي الله عنهم، حتى قام الصديق رضي الله عنه ذلك المقام الذى حمده عليه الأولون والآخرون.
هذه صور ونماذج من محبة الصحابة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو من الأمور الثابتة وقد كانوا يتفاوتون فى المحبة وفى الدرجات.

 

(5) فمحبة الصحابة رضي الله عنهم له صلى الله عليه وسلم ثابته لا يتطرق اليها شك، وهم في أعلى الدرجات وان كانوا يتفاوتون كبشر، وقد ظهرت تلك المحبة في مواقف متعددة ومظاهر مختلفة، من تعظيم، الى تبجيل، الى فداء،الى تبرك.. وقد سبق ذكر محبتهم رضى الله عنهم له صلى الله عليه وسلم، ومظاهر تلك المحبة . وهكذا يجب أن يكون من بعدهم من هذه الأمة.(6) وليس هذا الحب العظيم مقصورا على الصحابة رضي الله عنهم ، فقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن أناس يأتون بعدهم ممن يصدقون في حبه في كل زمان الى يوم القيامة .فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدى، يود أحدهم لو رآني باهله وماله" رواه مسلم.  فهؤلاء المحبون للنبي صلى الله عليه وسلم يود أحدهم لو يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة ويدفع مقابل ذلك أهله وماله، فكيف حبه اذا؟ واذا كان هذا من أشدهم حبا، فكيف اذا كان أشدهم حبا؟ وذلك حال الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وعلى رأسهم الصديق الأكبر رضي الله عنه، كما سيأتي فى آخر هذا الفصل ان شاء الله تعالى.   وفى الختام فهذه قبسات من حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، ومن توقيرهم له ، واحترامهم اياه ، فما احرانا وأجدرنا ان نقتدي بهم في هذا الحب ونتعلمه ونعلمه أولادنا هذا الحب حتى يعيشوا على محبة الله عز وجل ثم محبة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم آل بيته وصحابته الكرام.ونسأل الله تعالى ان يقسم لنا من هذا الحب أعظم النصيب ، حتى نكون يوم القيامة في معيته وبقربه ، كما اخبرنا هو عن ذلك فقال : " المرء مع من احب " وما ذلك على الله بعزيز

وهو الموفق الى كل خير والهادي الى سواء السبيل .             

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب