شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

    زرت الصين ، وفرحت بلقاء المسلمين من اهل  الصين الذين حافظوا على دينهم قرونا عديدة وتعرضوا لألوان الإضطهاد بسبب اسلامهم  ومن يتجول في الصين يدرك كيف صبروا وصابروا وحافظوا على دينهم وجاهدوا في سبيل ابقاء جذوة الاسلام حية تنير لهم الطريق وحملوا الأمانة وتناقلوها جيلا بعد جيل وكل هدفهم اعلاء كلمة الله.

 قادم من بكين والإسلام بخير

فاطمة الزهراء..أم أبيها 

د. محمد عبده يماني

هذه السيدة الجليلة سليلة الأسرة الطاهرة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتى شهد لها بأنها كانت بارة به.. وشهد زوجها الكريم رضي الله عنه بأنها كانت مجاهدة وصابرة.. وقد سمت بأم أبيها لأن نسل النبي صلى الله عليه وسلم في أحفادة قد انحصر فى اولادها الحسن والحسين، وكانت هذه السيدة فاطمة الزهراء من احب الناس الى قلبه صلى الله عليه وسلم وكلهم احباب لديه.. ومن يراجع سيرة هذه الإنسانة فإنما يستعرض جزءاً أساسياً من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد وقفت معه وكافحت وتحملت الأذي ورعته بعد وفاة امها الكريمة السيدة الجليلة خديجة بنت خويلد..

والسؤال الذي تبادر الى الذهن من هي فاطمة؟ ولماذا سميت بالزهراء؟ ولماذا عرفت بأم ابيها؟ وماهو الدور الذي قامت به رضي الله عنها وارضاها؟ فاطمة ام ابيها كانت أشبه ما تكون فى مشيتها وفي جلستها برسول الله صلى الله عليه وسلم.. وشهد لها بأنها بضعة منه عليه الصلاة والسلام..وقد ولدت رضي الله عنها وارضاها في العام العاشر من زواج سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة وكان زواجاً مباركاً لاشرف زوجين طاهرين . وقد فرح بها فرحاً كبيراً وكان : "يهدهدها ويلاطفها، وكانت فرحة خديجة كبيرة ببشاشته، وهو يتلقى الأنثى الرابعة في أولاده، ولم يظهر عليه غضب ولا ألم لأنه لم يرزق ذكراً وكانت فرحة خديجة أكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح أبيها، فادركت أن الله تعالى سوف يتعهدها برعايته وعنايته، لتكون مثلاً لأبيها في خلقه وخلقه..

دخل العباس رضي الله عنه على علي وفاطمة – رضي الله عنهما – وأحدهما يقول للآخر: أينا أكبر؟ فقال العباس : ولدت ياعلي قبل بناء قريش البيت بسنوات وولدت أنت يافاطمة وقريش كانت تبني البيت.وقد استبشر الرسول صلى الله عليه وسلم بمولدها وقال لزوجته خديجة: يا خديجة إنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تعالى سيجعل نسلي منها. ولهذا كانت مثار اهتمام أبيها، ولاسيما أنها كانت تشبهه كما تقدم ذلك. فقد روى الحاكم في المستدرك بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، فقال: كانت أشد الناس شبهاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، بيضاء، مشربة بحمرة، لها شعر أسود.
وعن أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أحداً من خلق الله أشبه حديثاً وكلاماً برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة. رضي الله عنها وأرضاها.. فقد كانت نطفة طاهرة ونسمة كريمة باهرة.. وسيدة فاضلة أشبه ما تكون بسيد الخلق وقد ورثت المجد من كل جانب وحازت الفضل."  وقد ذكر أصحاب السير أنها سميت بالزهراء لأنها زهرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وكانت بيضاء اللون، وكانت دائمة الصلاة في محرابها الذي تجمل وزهى بصلاتها فيه.. جوانب من حياة الزهراء "خرجت فاطمة الزهراء الى الحياة في بيت من أعرق بيوت قريش فالأب الصادق الأمين لا يدانيه أحد من قريش في شرفه وصدقه وأمانته، والأم ليس في مكة من تدانيها شرفاً وعزة ورفعة..

لقد ارتضى الله تعالى لزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة أن يخرجن الى دنياهن في أكرم بيت، وأنبتهن سلالة قرشية عريقة أصيلة ما يعرف العرب أعز منها ولا أنقى. واستقبلهن البيت الكريم استقبالاً لم تظفر بمثله لداتهن، بخلاف معظم البيوتات في مكة المكرمة، فقد كان أهلها يستقبلون البنات بوجوه مسودة، وقلوب حانقة لأن الأنثى عندهم كانت بشرى سيئة.. أما في بيت الزهراء فقد عد الزوجان سيدنا محمد وخديجة هذه البشريات الأربع ثمرة طيبة لزواج سعيد قام على المودة الخالصة، وأنه رزق من الله تعالى وهبه لهما، وكانا مضرب المثل الحسن في الرضى بما وهب الله تعالى، وبما منح.. وقد رأى الأب الكريم في بناته الأربع اليانعات صورة لطيفة من زوجته الحنون التي أنسته بحنانها الفياض كل ما ذاق في طفولته من يتم، وكانت له عوضاً جميلاً عما قاسى من حرمان..

وتجد الأم في بناتها الأربع، فلذات حية من زوجها الحبيب الذي أخذت منذ عرفته بجلال طلعته، وأسرها بنبل شخصيته، وجميل خصاله، فتفتح له قلبها المغلق، وأقبلت على الحياة من جديد، تفتح شهيتها أكثر هذه الزهرات اللواتي ملأن البيت فرحاً وسروراً وحبوراً وحيوية..وإذا كانت البنات الأربع قريبات من قلب الأم فكلهن فلذات من فؤادها إلا أن فاطمة اختصت بجزء أكبر من حبها لسببين:الأول : أنها أصغر بناتها وهذا حق تفرضه العناية بالصغير.الثاني : أنها أشبه بأبيها من حيث الجمال والجلال.
درجت البنات الأربع ـ في حياتهن الأولى على ما نعرف من تقاليد البيوت القرشية العريق، فالتمست لهن الأم ـ واحدة بعد الأخرى ـ خير المراضع حتى إذا أدركن سن الفطام عدن إلى حضانة الأم التي كانت لهن خير مربية، وقد قيل كلهن كان لهن مرضعات ما عدا فاطمة فقد فازت وحدها بشرف الرضاعة من ثدي أمها خديجة.


أمضت فاطمة طفولتها سعيدة بحب أبويها وتدليل أخواتها، وبخاصة كبراهن زينب التي كانت لها بمثابة أم صغيرة ..وقد رافقت هذه السيدة سيرة الدعوة الى الله والتى احيطت بالحيطة والحذر والسرية التامة خاصة وقد بدأت الدعوة فى مكة مركز دين العرب وقوم يعبدون الأوثان والأصنام المقدسة عندهم وقد كان الأمر يحتاج الى عزيمة وصبر وسرية في بداية الدعوة.. كان النبي صلى الله عليه وسلم، يضرب بها المثل : " عندما نزل قوله تعالى ((وأنذر عشيرتك الأقربين)) خرج النبي صلى الله عليه وسلم، ينادى بصوت عال، فخرجت قريش إليه لترى ما الخبر، ووقفت فاطمة ترقب أباها، وما سوف يدور بينه وبين القرشيين من أهله، فقال:(يا معشر قريش اشتروا أنفسكم، ولا أغنى عنكم من الله شيئاً.. يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس يا بن عبد المطلب، يا عم رسول الله لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا صفية بنت عبد المطلب يا عمة رسول الله  لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد سليني ما شئت من مالي ولا أغني عنك من الله شيئاً)


تقول الدكتورة عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) تعليقاً على هذا الموقف: وخفق قلب فاطمة حناناً وتأثراً، فهمست تقول: لبيك يا أحي والد وأكرم داع..
ثم جمعت نفسها وسارت بين الناس بجرمها الصغير ـ أي بهيكلها وجسمها الصغير ـ اللطيف، مرفوعة الهامة، مشرقة الأسارير، وكأنما ازدهاها أن يختارها أبوها صلى الله عليه وسلم من بين أخواتها جميعاً ، بل من بين أهل بيته الخاص، ليؤكد للبشر أنه لا يغنى من الله شيئاً عن أعز الناس وأحبهم إليه وأدناهم منه..


لقد بدأ بقريش قومه وقبيلته، ثم ببني عبد مناف عشـيرته الأقربين، ثم بعمه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، ثم بعمته صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها، ثم كانت ابنته فاطمة هي آخر من يتخذه النبي صلى الله عليه وسلم، مثلاً فى ذلك الموقف الجليل فعندها إذن ينتهى أقصى ما يبلغه صلى الله عليه وسلم في العظة والاعتبار، وإذا كان سيدنا محمد لا يغني عن ابنته فاطمة الزهراء رضي الله عنها ومن الله شيئاً فهل يطمع غيرها، كائناً من كان في أن يغني عنه أحد من الله شيئاً..وليست هذه هي المرة الوحيدة التي يضرب بها المصطفى صلى الله عليه وسلم بها المثل تأكيدا لما يريد نشره وترسيخه في امته من مبارئ وحدود وأخلاق.

فلقد حدث أن سرقت امرأة من قريش من بني مخزوم حلياً بعد أن أسلمت، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أمرها، وأشفقت قريش أن تقطع يدها، فاستشفعوا النبي صلى الله عليه وسلم بغير واحد، ثم كلموا أسامة بن زيد حب الرسول صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وكان المصطفى صلى عليه وسلم يشفعه، فلما أقبل أسامة ورآه النبي صلى الله عليه وسلم، قال "لا تكلمني يا أسامة فإن الحدود إذا انتهت إلي فليس لها مترك ولو كانت بنت محمد فاطمة سرقت لقطعت يدها" (متفق عليه). وفي رواية، قال رسول الله صلى الله عليه: أتشفع في حد من حدود الله تعالى، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها. وبعدها انصرف القرشيون من الموقف الذي جمعهم فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم واطمأنت فاطمة الزهراء أن هذا الموقف قد مر بسلام، هرولت بنت الثامنة مسرعة إلى بيتها، وارتمت في أحضان أمها خديجة رضي الله عنها والدموع تملأ علينها من الفرحة، كأني بها والدنيا لا تسعها من فرط سرورها ، وربتت الأم على ابنتها حانية وهى تسمع منها حديثها الفرح، وتألمت الأم في الوقت نفسه، وكأنها كانت تحس بأن نهاية العمر قد اقتربت وأن فاطمة مازالت في عمرها الغض، والرسول صلى الله عليه وسلم يلاقي وسيظل يلاقي العنت من الكفار والمشركين والمعاندين، مثله مثل أي نبي كان قبله، وسوف تلاقي معه فاطمة مصاعب الدعوة، فهي ابنته التي لا تنفصل عنه، وهي الصغرى التي حظيت بحب أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم ، وقربها منه ، ومرافقتها له .


وأحست الزهراء بفطنتها ما يدور في خلد الأم، وما سوف تلاقيه من العذاب والعنت الذي ينتظرها مع أبيها من أذى قريش وغير قريش من المعاندين، ومن الضاربين بقضية التوحيد، عرض الحائط، ومن المتمسكين بأصنام لا تضر ولا تنفع لمجرد أنهم وجدوا آباءهم على عبادتها عاكفين. ودار حديث ذو شجون بين أم المؤمنين رضي الله عنها وبين الزهراء الطاهرة، اطمأنت فيه الأم على مدى صبر ابنتها على المعاناة، فقد بدأت تحتمل العذاب بقدر ما استأثرت به من الحظ الأوفى في محبته واعزازه .
وقد تزوجت بسيدنا علي رضي الله عنه وكان زواجاً مباركاً ميموناً وقد مشى بها النبي صلى الله عليه وسلم الى بيت علي بن أبي طالب وتم الزواج المبارك ودعا لهما : "اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما اللهم انهما من احب الناس الي فأحبهم وبارك في ذريتهما واجعل عليهما منك حافظا ، واعيذهما بك وذريتهما من الشيطان الرجيم".. وعندما رزقا بالحسن والحسين وبقية أولادهم كان الجميع يتمتعون بحب النبي صلى الله عليه وسلم فقد احب فاطمة واحب زوجها علي بن أبي طالب واحب اولادهما بنين وبنات . وقد اعتبر اهل العلم ان فاطمة الزهراء هى رأس أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قال تعالى ((إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا))..في أسباب النزول قيل أن هذه الآية نزلت في خمسة: في النبي صلى الله عليه وسلم وعلي كرم الله وجهه وفاطمة رضي الله عنها، والحسن والحسين رضي الله عنهما.


وقد روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: "الصلاة يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا". وقال ابن جرير عن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين نزل عليه الوحي فأخذ علياً وابنيه وفاطمة رضي الله عنهم فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتى "  . كيف نحب الزهراء وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلمإن هذه السيدة الفاضلة رضي الله عنها تستحق منا كل حب وتقدير لأنها بنت رسول الله، ولأنها المجاهدة الصابرة التي صبرت على الكثير من الأذى مع أمها الشريفة الفاضلة في الشعب وبعد الشعب، وفي أذى قريش، لأنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينقطع كل نسب يوم القيامة إلا نسبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "ينقطع يوم القيامة كل سبب ونسب إلا سببي ونسبي" وقد نبه إلى حبها وخطورة بغضها يوم قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أدخله الله النار".
ومن هنا فإن حب الزهراء رضي الله عنها وأرضاها وبنيها وآل البيت جميعاً قضية أساسية ومسألة إيمانية، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهم". فهل نخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالحب والتقدير والاحترام والإجلال لآل بيته الكرام رضوان الله عليهم جميعاً، ولهذه السيدة الفاضلة البتول النبيلة رضي الله عنها وأرضاها، نحبها لأن الله عز وجل أحبها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أحبها وعلمنا وأمرنا بحبها.


وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصينا في الحديث الصحيح الذي يرويه ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أحبوا الله لما يغذوكم من نعمة وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي" ومن هنا كانت قضية الحب قضية أساسية في الله ولله، ولكنها مسؤلية كبيرة يتحسب الإنسان لها ويتحسب لإيمانه عندما تأتي في مجال حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه السيدة الجليلة رضوان الله عليهم.
وهذه المحبة خاصة تحتاج إلى ميزان عدل ووعي ومسئولية بأبعاد هذا الحب، فنحن عندما نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحرص على أن نجعلهم القدوة والأسوة بالنسبة لنا وعندما نحبهم لا بد أن نعرف أين نقف من ميزان الشرع الحنيف، فنحب هؤلاء لحبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ينطلق بنا إلى حبنا لله، لأن الله أمرنا ووضح لنا عز وجل أننا إذا كنا نحب الله فعلينا أن نتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالى نتبع عترة الطاهرة الشريفة وصحابته الكرام البررة الذين نقلوا إلينا هذا الدين العظيم وعلمونا أن نعض عليه بالنواجذ ((قُل إن كُنتُم تُحِبُونَ الله فأتَّبِعُونِي يُحبِبْكُمُ اللهُ))..


ومن هنا فالقضية إيمانية حساسة تحتاج منا إلى أننا في الوقت الذي نقبل على حب آل البيت بكل جوارحنا وبعقولنا وبقلوبنا لابد أن ندرك أن هناك مسئولية تستدعي أن نقف عند حدود الله عز وجل وأن نكرمهم ونجلهم بما يستحقونه وأن لا نزيد عن ميزان الشرع وأن لا نخل في الأداب ولا نتنكب عن طريق الصواب، ففي الوقت الذين نحبهم ونحب كل من أحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم، ونؤدي حقوق الله المطلوبة لابد أن نقف عند حدود الشرع الحنيف ونلتزم بآداب المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا نظلم ولا نغلو ولا نتجاوز حدود هذا الشرع ونحترم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحباة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ونحترم ونجل كل مؤمن مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فضلاً عن خلفاء الأمة وصحابتها الكرام وفضلائها وأوليائها الصالحين ..
والسيدة فاطمة هي سيدة فقيهه فاضلة لها باع طويل في الدعوة الى الله لا ينكر وفي نقل الدين والتفقه بالقرآن والسنة وقد تولت قضية التربية في الدرجة الأولى ولهذا عندما نتحدث عن فقهها كنصوص نجد ان هناك مواقف محدودة تعرضت فيها لبعض القضايا الفقهية إلا أنها كانت تنظر بنور الله عز وجل وما أكرمها الله سبحانه وتعالى به من علم وفقه لقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما وصيتها قبل وفاتها فقد حرصت عندما احست بقرب رحيلها وانتقالها الى الرفيق الأعلى ولم يطل مرض الزهراء رضي الله عنها الذي توفيت فيه: "  ولم يطل مقامها في الدنيا كثيراً بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقد اختلفت المرويات في تحديد تاريخ وفاتها، فقيل في الثالث من جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة من الهجرة، وقيل توفيت لعشر بقين من جمادى الآخرة، وقيل ليلة الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر، وعن أبن عباس في الحادي والعشرين من رجب. أما الأرجح الذي قاله المدائني والواقدي وابن عبد البر في الاستيعاب أنها توفيت ليلة الثلاثاء يوم الاثنين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة.

وتوفيت وهي بنت تسع وعشرين سنة. وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحوقاً به. وسرى الخبر في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واجتمع الناس مقبلين إلى علي كرم الله وجهه وهو جالس، والحسن والحسين رضي الله عنهما بين يديه يبكيان، فبكى لبكائهما، والناس جالسون يسترجعون وينظرون أن تخرج الجنازة فيصلوا عليها، فخرج أبو ذر الغفاري، وقال: انصرفوا، فإن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخر إخراجها هذه العشية، فقام الناس وانصرفوا. كانت وصيتها رضي الله عنها أن تدفن ليلاً بالبقيع كما ذكرنا. وحملت الزهراء رضي الله عنها إلى مثواها الأخير، في نعش صنعته لها أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وهي أول من حملت في نعش، وأول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهله. حملت فاطمة الزهراء بين دموع العيون، وأحزان القلوب، وصلى عليها علي كرم الله وجهه، ونزل في قبرها، ثم وقف على حافة القبر يؤبنها بكلمات تنم عن قلب مفعم بالأحزان على فراقها. فضم ثرى طيبة جثمان الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها، كما ضم جثمان أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخواتها الثلاث: زينب ورقية وأم كلثوم رضي الله عنهن. وعاد علي كرم الله وجهه، محزون القلب، دامع العين، بعد وداع الحبيبة الراحلة، رجع إلى البيت فاستوحش فيه، ثم أحس أن الدنيا على زوال، وقد أثرت فيه وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم وفاة الزهراء رضي الله عنها فأنشد قائلاً:
     أرى علل الدنيـا علي كثيـرة وصاحبها حتى الممات عليـل     لكل اجتماع من خليلين فرقـة وكل الذي دون الفـراق قليل     وإن افتقادي فاطماً بعد أحمـد دليـل على ألا يـدوم خليـل  

وختاماً.. فهذه لمحات عن السيدة فاطمة الزهراء إبنة سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم، وأنها أفضل نساء هذه الأمة، وكانت من أحب أولاده عليه عليه الصلاة والسلام وأخصهن عنده وأكثرهن شبهاً له.رضي الله عنها كانت زاهدة في الدنيا وزينتها وهي آخر من توفى من أولاده صلى الله عليه وسلم وأول أهل بيته لحوقاً به. رضي الله عنها وارضاها 


الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب