شاركنا على صفحاتنا الاجتماعية

ينظر بعض العقلاء الى موضوع كارثة الخليج على انها ازمة اخلاقة وليست ازمة سياسية ولقد كان الاعلام العربي خلال هذه الأزمة مثار جدل ومحل اهتمام المتابعين له لأنه كان الحاضر الغائب خلال هذه الأزمة لدرجة ان المواطن العربي انصرف يفتش عن مصدر اعلامي آخر يعطيه المعلومات والأخبار والآراء.

 الإعلام العربي ما بعد أزمة الخليج

الشعراوي.. والإسراء والمعراج

محمد عبده يماني 

تمر بنا ذكرى عطرة للإسراء والمعراج.. هذا الحدث العظيم في حياة الأمة الإسلامية فالأحداث العظمى دون شك أولها كان نزول الرسالة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في غار حراء (إقرأ) ولقاء جبريل عليه السلام ثم كان الحدث الثاني العظيم الإسراء والمعراج ثم الهجرة النبوية وحدث الإسراء والمعراج هو حدث عظيم ومهم فى حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يستوجب أن نقف عنده ونتعلمه ونتعلم بعض أسراره ثم نعلم ذلك لأولادنا ليكونوا على مقربة وصلة حية بهذه الأحداث الإسلامية العظيمة المشرقة وكان فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله عليه ذو نظرة خاصة إلى الإسراء والمعراج.

وفي أول لقاء لنا به منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً في جامعة الملك عبدالعزيز أخذ يتحدث عن الإسراء والمعراج بروحٍ وبأسلوب يصل إلى العقول والقلوب وكان أن دعته الخطوط العربية السعودية لإلقاء محاضرة عن الإسراء والمعراج وكانت المرة الأولى التي يتحدث فيها بعد وصوله المرة الثانية إلى المملكة العربية السعودية وحضر جمع غفير ورأينا الرجل يتحدث بعمق ووعي وطرحٍ جديد يلقي فيه النظر على هذا الحدث العظيم وكان يرى فضيلة الشيخ الشعراوي أن حادث الإسراء والمعراج يعتبر حدثاً كبيراً وأساسياً في تاريخ الإسلام وسبحان من أجرى هذا الحدث ونسبه إلى نفسه وسبحان من اختار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسري به ثم سبحان من أختار مكة المكرمة لتكون هي انطلاقة هذا الدين في أول نزوله على غار حراء وهي انطلاقة الإسراء والمعراج وهي انطلاقة الهجرة من مكة إلى المدينة، وبالنسبة للإسراء والمعراج ينظر الشيخ محمد متولي الشعراوي إلى الآية الكريمة (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير).

يقول الشيخ ان هذا النص القرآني هو عمدتنا في توثيق حدث الإسراء والمعراج فهو قرآن أنزل وعلينا أن نؤمن به لأنه جاء من عند الله، وليس لعقولنا القاصرة أي دور في أن تبحث في هذا الحدث لأنه حدث أخبرنا الله سبحانه وتعإلى به فمن واجبنا كمسلمين أن نسلم ونؤمن به ثم نعمل العقول بعد ذلك في دراسة أبعاد هذا الحدث ومفهوم هذا الحدث وأسراره  ومعجزاته أما البداية فتكون الإيمان بهذا النص القرآني وبأن الحدث قد وقع وأن الحدث منسوب إلى الله فهو سبحانه الذي أسرى بعبده والرسول صلى الله عليه وسلم سرى معه جبريل على البراق وليس له من الأمر شيء لأن الله هو الذي قدر هذا الحدث وهو الذي أجراه وسبحان الله كيف استهل الحق سبحانه وتعالى قصة الإسراء والمعراج بكلمة سبحان ومعنى كلمة سبحان كما ينظر إليها فضيلة الشيخ أول ما تقع على الذهن تعطي الإنسان طاقة قوية تبعد عنه كل شبهة المقارنة مع قانون مادة الأرضية الإنسانية وبين قانون الله سبحانه وتعالى "وإن معنى {سبحان الله} إن الله سبحانه وتعالى منزه في ذاته وفي صفاته وفي أفعاله.. فإذا صدر فعل.. قال الله سبحانه وتعالى أنه صدر منه.. إذا.. فيجب أن أنزهه أنا عن قوانين البشرية.. وألا أخضع فعل الله سبحانه وتعالى إلى قانون فعلي …              ولهذا.. فقد استهل الله سبحانه وتعإلى بقوله: { سبحان }.. حتى تكون كلمة سبحان هى أول ما يقرع سمع الإنسان لذلك الحدث العجيب الغريب الذي قد تقف فيه الـعـقـول … و {سبحان} أي تنزيهه.. فإذا قال الله سبحانه وتعالى {سبحان}.. معنى ذلك تنزيهه لفعله عن أفعال البشر.. وليتبين أن قانون الله سبحانه وتعالى ليس كقانون البشر في الفعل  ".والحدث كله منسوب إلى الله فعندما ننظر بعمق إلى كلمة الذي أسرى يعرف أن الله سبحانه وتعإلى هو الذي أسرى والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي أُسري به.

والإسراء وفق الآية الكريمة جاء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم جاءت العلة لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. ويقول فضيلة الشيخ الشعراوي مادام الله سبحانه وتعالى قد فعل هذا الأمر فلماذا نستعجب على سيدنا محمد أن يروي قصة الإسراء وهو لم يدعي أنه هو الذي سرى وإنما جاءتنا الآية القرآنية {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً}.. فالأمر منسوب إلى قوة الله وقدرته عز وجل أفنستغرب بعد ذلك. وكما يقول الشيخ الشعراوي أن سيدنا محمد لم يقل أنا سريت حتى نرد سيدنا محمد إلى قانون الفعل الإنساني وكما قالت قريش: أنضرب إليها أكباد الإبل شهراً وتقول وتدعي أنك أتيتها في ليلة، إنه لم يقل أتيتها بقدرتي أنا ولكنه الله سبحانه وتعإلى الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.وإذا فالرسول صلى الله عليه وسلم محمول على نطاق قوة أخرى جبارة لا حساب كيفٍ عندها وإنما أمره عز وجل إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.

ويرد فضيلة الشيخ الشعراوي على من يسأل لماذا كان الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى: "قوله تعالى من (المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) يأتي شخص ليسأل لماذا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، نفول لأن الكعبة كانت قد انطمرت كبيت من بيوت الله سبحانه وتعالى، ولم يعد لها هذا المظهر، وسميت بعد ذلك بيت العرب، وشحنت بالأصنام..هذا شيء.. أما بيت المقدس فله قدسيتة مع موسى وعيسى عليهما السلام.. وأنبياء بني اسرائيل.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث لقومه فقط.. أي: لم يخص العرب فقط كما يريدون هم أن يقولوا.. .. بل يؤكد أن محمد صلى الله عليه وسلم قد جاء عالميا.. فإسراؤه من مكة إلى بيت المقدس كأنه أدخل بيت المقدس في مقدسات دينه.. وهذه العملية توضح بأن دينه مهيمن على كل البقع، وكل مقدسات البقع.. وكذلك أيضا اتجهنا إليه أولا: فلا يأتي واحد ويقول: أنتم لكم دينكم.. ونحن لنا ديننا.. لا.. من الصحيح إن ديننا قد جاء في مكة.. ولكنه مهيمن على سائر الكتب.. ورسولنا صلى الله عليه وسلم مهيمن على مقدساتنا.. وهذه المقدسات كبيت المقدس داخلة أيضا في مقدساتنا وأصبح بيت المقدس في مقدساتنا لأنه صار منتهي مسرى النبي صلى الله عليه وسلم وبداية معراجه عليه الصلاة والسلام.نأتي هنا ونقول:إن حادثة الإسراء.. حادثة أرضية ومعنى أرضية:أولا: إنه كان هناك أناس في بيت المقدس..ثانيا: وأناس ذهبوا إلى بيت المقدس..ثالثا: وأناس رأوا بيت المقدس..رابعا: وأناس يعرفون الطريق إلى بيت المقدس وهكذا بقيت المسألة هي الإعجاز في اختصار الزمن.. ولكن من الممكن أن يقام الدليل المادي على صدقه في هذا.. حين قالوا له:صف المسجد..؟.. فوصف المسجد إن طلبهم لوصف المسجد من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو شهادة منهم بأنهم يعلمون جيدا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يذهب إلى هناك في رحلاته.. ولو كانت عندهم شبهة في أنه قد ذهب لما سألوه أي سؤال.. فمعنى طلبهم وصف المسجد أنهم متأكدون من عدم ذهابه إليه قبل ذلك.. فوصف لهم المسجد.. والذين يسمعونه قوم رأوا المسجد.. فقد وجدوا ان ا لوصف مطابقا لما قال..بعد ذلك يأتي أحدهم ليقول: ربما كان هناك إنسان حاذق قد وصف المسجد لرسول الله صلى الله عليه وسلم..  ورسول الله نقل وصف المسجد عنه ويقول الشيخ الشعراوى.. ولكني أقول: لا.. وذلك لأن الأمر المادي أرتبط بتوقيت زمني يستحيل فيه أن يكون ذلك.. كيف؟؟ إن الطريق الذي يعود منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة حدثت فيه أحداث، والأحداث رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدث بها القوم.. ورأى جماعة ومعهم جمل وصفه كذا.. وتحدث لهم عن كذا وكذا.. وحين يقبلوا عليكم اسألوهم عما حدث.اذا لقد وصف اشياء رآها في طريق العودة.. وبعد أيام يتربص القوم وينتظرون القوافل التي ستحضر، فيجدون كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما ذكرها في الطريق.. إذا من الممكن أن يقام الدليل المادي  الذي يقنع العقل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذهب إلى بيت المقدس وبذلك فقد أقام عليه الصلوات وأفضل التسليم.. أقام الدليل في المكان فوصفه، وفي الطريق فتكلم عن إمارات فيه لم توجد إلا في الوقت الذي مر فيه.. وما هذا إلا دليل على أنه صادق فيما قال.. وما دام صادقا فيما قال.. فما هي إذا مسألة الزمن هذه؟.. إن الله سبحانه وتعالى قد خرق له قانون الزمن، فإذا اقتنعنا بأن الله سبحانه وتعالى قد خرق له القانون الزمني بالإستدلال عليه بالأدلة المادية التي نعرفها، ثم حدث بعد ذلك قائلا: إنه خرق لي القانون.. فصعدت إلى السماء فيكون إيمانا بما كان تحت أيدينا من الحجج التي نعرفها يجعلها وسيلة أن نصدق ونقول:الذي خرق له قانون المسافة فيما نعلم.. قادر على أن يخرق له قانون العلو فيما لانعلم "  ويرى فضيلة الشيخ الشعراوي أن الإسراء جاء كمقدمة فيها إيناس للعقل البشري وفيها تصديق لرسول صلى الله عليه وسلم في إخباره عن المعراج والله سبحانه وتعالى وقد خرق له قانون الزمان وقانون المسافات وهو الفاعل وهو سبحانه وتعالى بقوته وقدرته سرى بعبده من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج به إلى السماء فالأمر كله منسوب إلى الله سبحانه وتعالى.

ثم يقف فضيلة الشيخ الشعراوي هنا وقفة مهمة وجميلة وهي أن القرآن حينما تعرض لحديث الإسراء تعرض له بطريقة واضحة وصريحة، أما حديث المعراج فلم يقل الله سبحانه وتعالى سبحانه الذي عرج بعبده من البيت القدس إلى السماء وإنما هنا نرى وقفة أخرى حيث أن القرآن تعرض لهذه الحادثة حادثة المعراج بأشياء تستلزم التصديق بأنه صعد وأعرج به إلى السماء حيث وقال سبحانه وتعإلى:{والنجم إذا هوى. ماضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو في الأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قاب قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. ماكذب الفؤاد ما رأى. أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنهى. عندها جنة المأوى. إذ يغشى السدرة مايغشى. مازاغ البصر وماطغى. لقد رأى من آيات ربه الكبرى}إذا سدرة المنتهى.. والوقوف عندها يجب أن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد  لكن لماذا لم يأت بها نصا؟ قالوا: إن هذا من رحمة الله سبحانه وتعإلى بخلقه.. الأمر  الذي أمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الدليل المادي لسكان الأرض، وقد أتى به صراحة حتى لانعذر في تبليغه.;

أما الأمر الذي تقف فيه العقول بعض الشيء.. فقد تركه سبحانه وتعالى لمدى يقينك الإيماني أو مدى تسليمك بالمقدمة التي تلي النتيجة الأخرى، لأنك أنت مادمت مؤمنا فستقول: مادام صنع به كذا فيما أعلم.. إذا هو يصنع به كذا فيما لا أعلم " لأنه حين يكون قد طرق له القانون يكون قد خرق له القانون، فما المانع إذا مادامت صيغة القانون.. هي – هي.. أيكون قانون السماء صعب على الله سبحانه وتعالى وقوانين الأرض ليست صعبة على الله سبحانه وتعالى.. مادام غير القوانين.. و غير النواميس؟ وهل المعجزات التي أمد الله سبحانه وتعالى رسله عليهم الصلاة والسلام إلا خرق لنواميس الكون.. وخرق لقوانينه.. وخرق لحقائقه الثابتة، ومادامت هي خرق إذا فلا يستبعد أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم " 
وكان فضيلة الشيخ الشعراوي رائعاً وهو يرد على سؤال في قضية مهمه وهى لماذا يتحدث القرآن في بعض الآيات بعبارت لنريه من آياتنا ثم في موضع أخر نجد القرآن الكريم يتحدث بكلمة (لقد رأى) فكيف نوفق بين هذه المسألة والقرآن يتحدث في آية أنه صلى الله عليه وسلم رأى من آيات ربه الكبرى وفي موضع أخر ليريه من آيات ربه وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي لا بد أن نلاحظ أن القرآن الكريم حينما تعرض لآية أرضية وهي الإسراء: "قال: { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه…} فكأن الفعل هنا (إراءة) وماهي الإراءة؟ إن الإراءة هي أن تجعل من لايرى (يرى) وذلك أما بتحويل المرئي إلى قانون الرائي.. أو بنقل  الرائي لأن ينفذ إلى قانون المرئي.ولنأخذ مثلا توضيحا لذلك:هناك الميكروب الذي يكتشف.. الميكروب كان موجودا قبل أن يكتشف.. وليس معنى اكتشافه انهم أوجدوه.. ولكنه كان موجودا دون أن يكون للحس طريق إليه، فلما اخترعت المجاهر أمكن للذي لايرى.. يرى بماذا؟ يرى بعملية تحويل.. وهي أننا أتينا بعدسة تكبر لنا الأشياء.. فما لم يكن يرى أولا.. أصبح يرى الآن.

ومثلا يذهب المريض ببصره إلى طبيب مختص.. والطبيب  بدوره يعطي له نظاره، والنظارة تكبر له الأشياء.. فما لم يكن يراه أولا.. رآن ثانيا.. وقد يجري له عملية جراحية في عينيه بحيث لايحتاج إلى هذه النظارة.. فاذا لم يحتاج إلى هذه النظارة ليرى.. يقال: رأى هو 
إذا الإراءة أما أن تكون بتغير مافيه إلى قانون الرائي فيرى.. أو بإعطاء شيء في المرئي ليرى بذاته، فلما جاء في حادث الإسراء قال: {لنريه} لأن محمد صلى الله عليه وسلم على الأرض.. وبشري بقانون البشرية.. وقانون الإبصار فيه خاضع لقانون الضوء.. وقانون الضوء لايختلف فيه أحد.. فإذا كانت هناك آيات من غيب الله في الأرض.. فلابد أن يحدث له إراءة لأنه بطبيعته لايرى هذه الأشياء.. فالإراءة إذا كانت هناك في الأرض..  ولكن حينما ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملأ الأعلى، ويلتقي بالنبيين الذين ماتوا قبله.. ويلتقي بالملائكة.. إذا.. فقد تغير شيء في ذاتية محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنه طرح البشرية وأخذ شيئا من الملائكية التي ترى بنفسها.


فلما صعد إلى السماء قال الله سبحانه وتعإلى: {لقد رأى ْْ ولم يقل (أريناه) { لقد رأى من آيات ربه الكبرى}.. ففي آية (الاسراء) {لنريه} أي (أريناه) وفي آيات السماء في (المعراج) قال: {رأى}.. ويرى فكأن الرسول صلى الله عليه وسلم في بشريته في الأرض كان محتاجا إلى أن يعدل القانون في ذاته بالنسبة للرائي والمرئي.. وأما في السماء فقد أخذ وضعا آخر، وهذا الوضع الآخر أصبح بذاته يرى.. لأنه أصبحت هناك ملكية.. فالبشرية طرحت في الأرض..  والملائكية اصبحت هي  المسيطرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبح يرى.. ولكن في الأرض كانت إراءة.إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة تعرض لثلاث مراحل:المرحلة الأولى:كان بشرا..  وجبريل عليه السلام يعرض على محمد صلى الله عليه وسلم الأشياء.. ثم يقول.. ماهذا ياجبريل؟ فيقول هذا كذا.. وهذا كذا المرحلة الثانية:لما صعد إلى السماء كان يرى المرائي.. فلا يستفهم من جبريل عنها.. ويسمع فيفهم.. إذا فقد تحول شيء في ذاتية محمد.. وأصبحت له ذاتية فأهمة بلا واسطة من جبريل عليه السلام.. وارائية بلا واسطة أحد.. ففي الأرض إراءة.. وأما في السماء فقد رأى بالرؤية.. ثم بعد ذلك نجد أنه بعد أن انتقل إلى مرحلة يكون فيها ملائكيا كالملائكة يراهم ويتكلم معهم ويخاطبهم ويفهم.. يأتي بعد ذلك في منطقة أخرى بعد سدرة المنتهى فينتهي حد جبريل عليه السلام.
المرحلة الثالثة:يزج برسول الله صلى الله عليه وسلم في سبحات النور ولم يكن جبريل معه.. وهذا دليل على أن محمدا عليه الصلاة والسلام قد ارتقى إرتقاء آخر.. ونقل من ملائكية لاقدرة لها على ماوراء سدرة المنتهى.. إلى شيء من الممكن أن يتحمل إلى ماوراء سدرة المنتهى.. ودون مصاحبة جبريل عليه السلام.إذا.. أن سيدنا محمد كان بشرا في الأرض مع جبريل.. وبعد ذلك كانت له ملائكية مع الرسل ومع جبريل في السماء.. وبعد ذلك كان له وضع آخر ارتقى به عن الملكية.. حتى أن جبريل نفسه يقول له: (أنا بو تقدمت لأحترقت.. وأنت لو تقدمت لأخترقت) إذا أن ذاتية محمد صلى الله عليه وسلم حصل فيها شيء من التغيير.. وذلك التغيير الذي يناسب ذلك الملأ الأعلى.. فجبريل عليه السلام بملائكيته لايستطيع أن يخترق.. إلا إحتراق.. أما سيدنا محمد صلى الله عل يه وسلم فيستطيع أن يخترق.. وعلى هذا هناك ثلاثة اشياء حدثت لمحمد صلى الله عليه وسلم.. بشرية في الأرض معهودة بالمدد.. وبعد ذلك ملائكية في السماء قبل سدرة المنتهى.. ثم بعد ذلك ملائكية فوق الملائكية.. وهي التي كانت بعد سدرة المنتهى يصبح فيها {قاب قوسين أو أدنى} ويتعرض فيها إلى خطاب الله سبحانه و تعالى.. وإلى رؤية الله سبحانه وتعالى على خلاف بين العلماء في هذا".

لقد قلنا إن  الذي كان في الأرض (إراءة) لأن فيه بشرية.. فلما انتقل إلى السماء إنحلت البشرية بعض الشيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت الملائكية هي الطاغية فأصبح يخاطب الملائكة.. ويكلم الرسل الذين ماتوا.. ويلتقي بهم.. وجاءت بعد ذلك المرحلة الثالثة التي تكلمنا عنها، وقلنا إن جبريل عليه السلام نفسه وهو ملك من الملائكة العظام.. لم يقدر عليها حيث قال: إلى هنا مكاني، وذلك يدل على أن محمدا صلى الله عليه وسلم.. نقل نقلة أخرى فوق الملائكية.. ليهيأ.. لماذا؟ لكلام الله المباشر وإلى الرؤية على الخلاف فيها.. اذا أن الحق سبحانه وتعالى حينما تكلم ماذا قال {أو النجم اذا هوى. ماضل صاحبكم وما غوى. وما ينطق عن الهوى. إن هو إلا وحي يوحى. علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. وهو في الأفق الأعلى. ثم دنا فتدلى. فكان قابو قوسين أو أدنى. فأوحى إلى عبده ما أوحى. ماكذب الفؤاد ما رأى. أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى. عند سدرة المنهى. عندها جنة المأوى. إذ يغشى السدرة مايغشى. مازاغ البصر وماطغى. لقد رأى من آيات ربه الكبرى}هنا وقفة أن نصوص القرآن من الله سبحانه وتعالى.. ,كل لفظ له ايحاءه.. فاذا قال إلهي سبحانه وتعالى {أفتمارونه على مايرى}.. أي أفتجادلونه إن قال لكم رأيت كذا وكذا وكذا {لقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى} وبعد ذلك ماجاء في المرحلة الأخيرة.. قال {لقد رأى من آيات ربه الكبرى} هذه أخبار من الله سبحانه وتعالى.. ,لم تكن من محمد صلى الله عليه وسلم.. كأن محمد قال ما لا تطيقه عقول البشر.. فقال: أفتمارونه على مايرى. ولقد رآه نزلة أخرى.. وذلك رحمة من الله سبحانه وتعالى بعقول البشر.. لذلك جاء في شيء من الأشياء.. وقال: لماذا تجادلونه في هذا؟ {لقد رأى من آيات ربه الكبرى}.. فذلك إخبار من الله سبحانه وتعالى وليست إخبار من محمد صلى الله عل يه وسلم.. حيث لم يقل محمد وإنما الله قال: والكبرى هنا عند المفسرون حين يتكلمون يجعلونها وصفا للآيات فهو قد رأى آيات ربه.. الآيات الكبرى العظيمة.. ولكن التحقيق الذي يقبله الذوق السياقي.. إن قوله: لقد رأى من آيات ربه الكبرى.. أي أنه رأى الآية الكبرى من آيات ربه.. فكأن آيات الله سبحانه وتعالى التي حدث عنها هي آيات من آيات وحسبها عظمة وعجبا أن تنسب إلى الله سبحانه وتعالى.. لكن هناك آية كبرى.. وهي التي تقف العقول فيها وقفة.. لأنها إذا كانت الآيات العادية وقفت هذه الوقفة.. فما بالكم بها مع الآية الموصوفة من الله سبحانه وتعإلى بأنها {الآية الكبرى}.. (أ) لقد رأى الكبرى من آيات ربه.. فكأن (الكبرى) هي المفعول.. ,ليست وصف الآيات.. ولكن {لقد رأى من آيات ربه}.. ماذا رأى.. رأى {الآية الكبرى} التي هي أعلى من هذه الآيات.. لاشك أن جبريل كان معه في الأرض.. كان يشاركه في هذه المرائي.. وفي السماء أيضا كان معه جبريل.. لكن في الآية الكبرى كانت المرحلة الأخيرة.. التي لم يقدر عليها جبريل.. ولا أحد من الملائكة.. وقد انفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بها.
وإذا نظرنا إلى قول الحق سبحانه وتعالى أيضا {ثم دنا فتدلى . فكان قاب قوسين أو أدنى} أنا شخصيا لست مع المفسرين حين يفسرون {دنا}.. المدنون والداني.. جبريل والسبب أن جبريل مع محمد صلى الله عليه وسلم وما دام جبريل معه فمن الذي دنا.. ,من الذي كان قاب .

قوسين أو أدنى؟ ذلك ملحظ آخر يعطينا أن الدنو {ثم دنا فتدلى} بشيء آخر.. من ربه.. أو ربه منه.. إيناس بما يكون من رؤيته للحق سبحانه وتعالى.. أو من كلام الحق سبحانه و تعالى " 
هذه هى إذن قصة الإسراء والمعراج عندما ننظر لها فى ضوء العلم الحديث نجد أن العلم يكشف لنا الكثير من أسرار هذه الرحلة التى ما تزال زاخرة بالأحداث العظيمة ولكننا نؤمن بأن الله عز وجل هو الذى هيأ لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه الرحلة المباركة والمعجزة العظمى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم محمولا بقدرة الله فى إسرائه وعروجه ولم يدع أنه هو إلى فعل ذلك، ولم ينسب الفعل إلى جبريل عليه السلام، وإنما كان جبريل رفيق النبى صلى الله عليه وسلم خلال هذه الرحلة ولا إلى أى مخلوق آخر، وقد جاء النص فى ذلك صريحا واضحا: "سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير".ومن ينظر من ناحية اخرى فى قصة الإسراء والمعراج والسرعة التى تمت فيها ثم يربط ذلك بما حدث مع سيدنا سليمان فى قصة بلقيس وعرشها وكيف أن عفريتاُ من الجن قال لسيدنا سليمان عليه السلام إنه يستطيع أن ينقل عرش بلقيس من مكانه فى اليمن ثم يأتى به إلى سيدنا سليمان فى القدس عبر هذه المسافات الطويلة قبل أن يقوم من مقامه ثم جاء الذي عنده علم من الكتاب لينقل هذا العرش فى جزء من الثانية بما علمه الله عز وجل فالسرعة التي تحققت في ذلك هى سرعة كبيرة عظيمة لانعرفها حتى اليوم وليست بقدرة العلم الحديث ما يسمح بنقل هذه الكتلة وبهذه السرعة ولكنها تمت بعلم اللع عز وجل الذي علمه لمخلوق من خلقه فلم ينسب الحدث إلى الرجل نفسه ولا إلى سيدنا سليمان وانما نسبه إلى الله عز وجل بما علمه لهذا المخلوق: "قال الذي عنده علم من الكتاب إنا اتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى.." فالعمل منسوب إلى علم الله الذي علم ذلك المخلوق صنع هذا الانجاز العظيم فهو لم يصنعه بعلمه ولا بقدرته وقد نسب سليمان عليه السلام هذا العمل إلى الله حين قال: "إن هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر..".

وهكذا كلما سرنا مع هذه الرحلة العظيمة إلى درسها الكثير من العلماء والفقهاء والادباء على مر العصور وجدنا فيها معينا صافيا وثروة زاخرة من المعلومات تستحق أن تناقش وتعلم لنا ولاولادنا على مر الزمان وكم من العلماء الذين القوا الضوء وحاولوا شرح هذه المعجزة والقصة العظيمة ولكن ما يقال وما يثار يظل دون عظمة هذه المعجزة التى تمت بفعل الله وبقدرة الله وبعلم الله تأييدا لهذا الحبيب صلى الله عليه وسلم وتثبيتا له عليه افضل الصلاة السلام اللهم علمنا ما ينفعنا وإنفعنا بما علمتنا وزدنا علما وثبتنا اللهم على الإيمان والعمل الصالح وأرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا إجتنابه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين.

الخوف من الفجوة
تهاويل
بيوتنا والحاجة الى الحب